نقول له: الآن تدفع الدية، فتكون حالة، ليس فيها تأجيل، وهذا هو الأصل في ضمان المتلفَات، فالأصل في ضمان المتلفات الحلول لا التأجيل.
إذاً جناية العمد المحض، تكون في مال الجاني، سوى ما تقدم من الصبي والمجنون، فإن عمد الصبي والمجنون خطأ، فهنا إن كانت الجناية عمدا محضا، فإنها في مال الجاني وتكون حالة.
قوله: [وشبه العمد والخطأ على عاقلته]
ويأتي إن شاء الله باب في العاقِلَة. فهنا لا تجب الدية على القاتل خطأ ولا شبه عمد، ولا على من قطع طرفا خطأ أو شبه عمد، ولا على من جرح خطأ أو شبه عمد، إنما تجب على العاقلة، وتقدم ما يدل على هذا وهو حديث الهُذَيْلية التي ضربت امرأة في بطنها فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على العاقلة " وهو حديث متفق عليه، فهذا في شبه العمد، والخطأ أولى.
إذاً جناية شبه العمد أو الخطأ تكون على العاقلة، لكنها تكون مؤجّلة على ثلاث سنين باتفاق العلماء، وفي ذلك أثران عن عمر وعلي رضي الله عنهما في البيهقي، وإسناداهما في البيهقي ضعيفان، لكن لا خلاف بين أهل العلم في ذلك، والنظر يدل عليه، لأنها وجبت على العاقلة لا على الجاني من باب التخفيف والمواساة، فكان المناسب فيها هو التأجيل، فتؤجّل على ذلك على ثلاث سنين.
ومتى يكون أول قِسْط؟
يكون أول قسط في النفس حين الموت، فاليوم الذي مات فيه يدفعون ثلث الدية، فلو أصيب فعاش يوما أو يومين ثم مات، فلا يكون الحساب من زمن الجناية، وإنما من حين الموت؛ لأن الدية استقرت بموته، ثم إذا جاء نفس الوقت من السنة القادمة، فيدفع القسط الثاني، ثم القسط الثالث في مثله من السنة الثالثة.