فلا تعتبر القيمة فيما تقدم ذكره بل السلامة.
فقد تقدم أن قيمة الإبل في المذهب اثنا عشر ألف درهم قيمة البعير الواحد مائة وعشرون درهماً.
فهل نقول: الواجب أن نشتري البعير بمائة وعشرين درهماً وإن كان البعير يفقد شيئاً من شروط السلامة أم لا بدّ وأن تتوفر فيه شروط السلامة سواء كان مساوياً هذا القدر أم كان أكثر منه؟
الجواب: هو الثاني وأنه لا تعتبر القيمة في ذلك بل السلامة خلافاً لأبي الخطاب من الحنابلة.
فقوله: أي أبي الخطاب، ضعيف لأنه يخالف إطلاقات النصوص فظاهر إطلاقات النصوص أن الواجب أن الإبل السلامة وعليه فإنه لابد وأن تكون الدية مائة من الإبل تتوفر فيه شروط السلامة وإن كانت قيمة البعير أكثر من مائة وعشرين درهماً.
قال رحمه الله تعالى: [ودية الكتابي نصف دية المسلم] .
الكتابي: هو اليهودي والنصراني والمقصود بديته هنا أي إن كان معاهد أو مستأمناً أو ذمياً.
فدية الكتابي نصف دية المسلم.
دليل ذلك: ما ثبت في سنن أبي داود أن النبي- صلى الله عليه وسلم -??عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين?، والعقل: الدية والحديث حسن.
??وذهب الأحناف إلى أن دية الكتابي كدية المسلم.
واستدلوا: بقوله تعالى: ((وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله)) .
???وبما صح عن عمر كما في مصنف عبد الرزاق: "أنه قضى على رجل مسلم قتل يهودياً من أهل الشام بألف دينار".
والصحيح ما ذهب إليه أهل القول الأول للحديث المتقدم وأما قول عمر فهو قول صاحب لا يخالف به ما ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم -?هذا لو كان صريحاً في المخالفة، مع أن الذي يظهر أن عمر إنما قضى بذلك من باب تغليظ الدية كما هو المشهور في مذهب أحمد خلافاً للجمهور وأن دية الكتابي تغلظ فتكون كدية المسلم إذا كان القتل عمداً، وفي ذلك أثر عن عثمان: أنه قضى على رجل مسلم قتل ذمياً عمداً بمثل دية المسلم وهو أثر صحيح.