وهذا ظاهر، فإذا كان بعضهم غائباً فإنه ينتظر قدومه لأنه حق له فلم يتعجل حقه عنه، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، (وحكيت رواية عن أحمد أن لهم القصاص فيه قوة) .
قال: [أو صغيراً أو مجنوناً انتظر القدوم والبلوغ والعقل] .
فإذا كان بعض الأولياء صغيراً أو مجنوناً فإنه ينتظر ويحبس الجاني حتى يفيق المجنون، وحتى يبلغ الصبي فليس لبعض الأولياء أن يستقل بالقصاص وذلك لأنهم جماعة فلم يكن لأحدهم أن يستقل بالحق.
فينتظر حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون ثم ينظر ماذا يختارون جميعاً القصاص أم الدية، فإن اختاروا القصاص واتفقوا على ذلك وإلا فتجب الدية.
وقال المالكية والأحناف، بل هو للمكلفين دون غيرهم وذلك لأن استيفاء القصاص ولاية والولاية ليست للصبي والمجنون، والأولياء البالغون العقلاء هم المخاطبون عند القتل بالاختيار فلم يكن لغير المكلف حق في ذلك.
وهذا هو القول الراجح، ويترتب على خلافه فوات أو تفويت للحق.
مسألة:
اعلم أن الذين لهم حق في استيفاء القصاص هم الورثة يدل على ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قُتل له قتيل فأهله بين خيرتين) رواه أبو داود والنسائي وأصله في الصحيحين فقوله "أهله" أي ورثته.
ويدل عليه أيضاً، ما ثبت في مصنف عبد الرزاق، أن عمر أتى برجل قد قتل قتيلاً، وورثته يريدون قتله فقالت زوجته " أي زوجة القتيل" وكانت أختاً للقاتل: قد عفوت عن حقي، فقال عمر: "الله أكبر قد عتق القتيل" والأثر إسناده صحيح، ولا يعلم له مخالف.
واختار شيخ الإسلام أن الحق للعصبة الذكور لأن العار يلحقهم هم.
والصحيح هو الأول وذلك للأثر الثابت عن عمر ولا يعلم له مخالف، ولأنه حق للمرأة كسائر حقوقه فكان لورثته وهذا هو مذهب الجمهور.
مسألة:
إذا قتل بعض الورثة الجاني قبل أن يتفق الورثة على القصاص، فإنه يعزر على ذلك لا فتياته على حق غيره.
وهل يقتل أم لا؟
قولان لأهل العلم: