فإن كان غير مكلف بأن يكون صبياً أو مجنوناً فإنه لا يستوفي وذلك لأن استيفاء القصاص ولاية، قال تعالى: ((وقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل)) ، والصبي والمجنون لا ولاية لهما.
والمذهب أن الأب وكذا الوصي والحاكم لا يقومون مقام الصبي والمجنون بالاستيفاء، ولذا قال (وحبس الجاني إلى البلوغ أو الإفاقه) أي المجنون.
قالوا: لأن المقصود هو التشفي "أي إزالة الغيظ الذي يكون في القلب" وهذا لا يكون بفعل الغير.
وعن الإمام أحمد وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، أن لوليهما العفو إلى الدية وكذا الوصي والحاكم.
وذلك: لأنه يقوم مقامه في تصرفاته كلها فكذلك هنا ولأن ترك ذلك يترتب عليه فوات الحق أو تفويته فقد يموت الجاني قبل أن يقتل وقد يهرب أو يحصل ما يمنع من إقامة الحد عليه بفعل ظالم ونحو ذلك، فلئلا يفوت الحق فإنا نقيم الولي مقامه، وهذا هو القول الراجح.
والمصلحة هنا وهي مصلحة عدم تفويت الحق وفواته أرجح من مصلحة التشفي، ولا شك أنه يحصل له تشفي عندما يختار وليه القتل، ويحصل له انتفاع بالدية إذا اختار الدية والولي يختار ما فيه مصلحة.
وقوله: " يحبس الجاني " فلا يقبل في مثل هذه المسألة كفالة إذ الفائدة من الكفالة هي أن يستوفي الحق من الكفيل إذا لم يحضر المكفول، وهنا لا يمكن أن يستوفي الحق من الكفيل لأن ذلك ظلم، بل ويحبس حتى يبلغ الصبي وحتى يفيق المجنون وهذا على المذهب.
والصحيح ما تقدم من أن الولي يقوم مقام الصبي أو المجنون.
قال: [الثاني: اتفاق الأولياء المشتركين فيه على استيفائه وليس لبعضهم أن ينفرد به] .
لأنه حق مشترك لجماعة فلم يكن لأحدهم أن يستقل به.
والشرط الثاني: اتفاق الأولياء على القصاص.
قال: [وإن كان من بقي غائباً.. انتظر القدوم] .