تقدم أن الدعوة في اليوم الثالث لا تصح كراهيتها وكذلك دعوة الجفلى، فلا يثبت دليل يدل على كراهيتها، والقول الثاني في المذهب: أنها مباحة وهذا هو الراجح فلا دليل على كراهيتها، بل لو قيل باستحباب الإجابة لعمومات الأدلة لكان فيه قوة، ولا يقال بالوجوب.
إذا دعاه ذمي فتكره الإجابة قالوا: لأنه مطالب بإذلاله.
وهذا التعليل ضعيف ولا يقوى على الكراهية والراجح إباحة إجابة دعوته، وهو القول الثاني في المسألة، ويدل عليه ما ثبت في غير ما حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يجيب دعوة اليهود، فالراجح أن دعوة الذمي لا تكره إجابتها.
قال: [ومن صومه واجب دعا وانصرف]
فمن كان صومه واجباً فإنه يدعو لصاحب الوليمة وينصرف، وذلك لما ثبت في مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم) ، ولا يحل له أن يفطر لما تقدم في كتاب الصيام من أن الصوم الواجب لا يجوز الفطر فيه كصوم رمضان أو صوم النذر.
قال: [والمتنفل يفطر إن جبر]
أي إن جبر خاطر الداعي، فإذا كان في ذلك جبراً لخاطر الداعي فإنه يرجح الفطر، لما ثبت في البيهقي بإسنادٍ حسن عن أبي سعيد الخدري قال: " صنعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - طعاماً فجاءوا أصحابه، فلما وضع الطعام قال رجل إني صائم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (دعاكم أخوكم وتكلف لكم – ثم قال له: – أفطر وصم يوماً مكانه إن شئت) "، ولا تجب إجابة الدعوة في غير العرس كالوكيرة والنقيعة وغير ذلك وإنما يستحب.
والوكيرة: هي دعوة البناء أي بناء البيت.
والنقيعة: هي الطعام للغائب.