قال: [أو حل قبل التسليم]
إذا قال: المهر أدفعه لكم بعد شهر فرضوا بذلك فمر الشهر ولم يسلم الصداق، فيجب عليها أن تمكنه من نفسها وألا تمنع نفسها منه، وقالوا: وذلك لأنها قد وجب عليها واستقر وجوب تسليم بضعها قبل القبض فلم يكن لها أن تمتنع.
والقول الثاني في المذهب: أنه لا يجب عليها ذلك، وهذا فيما يظهر لي أظهر للعلة المتقدمة وهي منع تسليم المعوض قبل أخذ عوضه، ولأنه قد يتعذر استيفاء العوض فيفوت عليها منعه بضعها.
قال: [أو سلمت نفسها تبرعاً فليس لها منعها]
إذا اتفقوا على صداق حال، فسلمت نفسها له تبرعاً فليس لها أن تمنع نفسها بعد ذلك، وذلك لأن المهر قد استقر بهذا التسليم فلم يكن لها المنع، ولأنها قد رضيت فسلمت نفسها عن رضى فاستقر العوض بذلك.
والقول الثاني في المسألة، وهو مذهب أبي حنيفة النعمان ورواية عن الإمام أحمد واختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أن لها أن تمنع نفسها وقد تبرعت له، وذلك لأن رضاها ليس مطلق بل هو مقيد بشرط وهو أن يعطيها صداقها، وأن يقبضها إياه، فقد مكنته من نفسها بهذا الشرط فليس رضاها رضا مطلقاً بل هو مقيد بهذا الشرط وهو أن يسلمها صداقها وحينئذٍ فلها أن تمنع نفسها، وهذا هو القول الراجح.
قال: [فإن أعسر بالمهر الحال، فلها الفسخ ولو بعد الدخول]
إذا أعسر بالمهر الحال قبل الدخول فلها الفسخ، وذلك لتعذر الوصول إلى العوض قبل تسليم المعوض، ولو كان بعد الدخول، فإذا دخل بها ولم يسلم مهرها الحال فلها أن تفسخ حيث أعسر، وذلك لأن لها حينئذٍ منع نفسها على الصحيح فكان لها الفسخ، ولأنها إنما مكنت نفسها لأخذ حقها وصداقها وحيث أعسر بذلك فلها الحق بالفسخ، لكن الفسخ لابد أن يكون بحكم حاكم في المشهور في المذهب ولذا قال المؤلف:
[ولا يفسخه إلا حاكم]
وتقدم كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة وأن الفسوخ تصح بغير حكم حاكم، وأن الحاكم إنما يأذن بذلك.
الدرس السادس والثلاثون بعد الثلاثمائة