فإذا أكرهها على الزنا فيجب لها المهر بما استحل من فرجها، هذا هو مذهب الجمهور للحديث المتقدم: (ولها المهر بما استحل من فرجها) ، وقال الأحناف وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام: أنه لا مهر لها ولا عوض لها وإن كانت مكرهة وذلك لأن هذا العوض خبيث وهو سحت فهو مقابل حرام فكان سحتاً محرماً ولم يكن حلالاً مباحاً ولا يقاس هذا بهذا، ولا يلحق ما أباحه الله بما حرمه الله، وهذا هو الراجح وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي.
قال: [ولا يجب معه أرش بكارة]
هذا على القول بوجوب مهر المثل، فهل يجب أرش البكارة؟
قال: لا يجب أرش البكارة، وذلك لأن مهر المثل يدخل فيه أرش البكارة، فإنها قدرت على أنها بكر، وقدر مهرها على أنها بكر، فنظر إلى بكارتها أثناء تقدير مهرها، وعلى القول الراجح المتقدم وهو أنه لا مهر لها فحينئذٍ يحتاج أن يجعل لبكارتها مهرا، ً وذلك لأنه قد أتلف عليها شيئاً مما ينتفع به، فكان عليه أرش ذلك، ويعرف أرش البكارة بأن ينظر إلى مهرها وهي بكر وينظر إلى مهرها وهي ثيب، والفارق بينهما هو أرش بكارتها.
قال: [وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال]
فإذا تزوج الرجل امرأة على أن يصدقها عشرة آلاف حالةً، ثم قال: أريد أن أبني بالمرأة ولم يعطها صداقها فللمرأة أن تمتنع ولوليها أن يمنع من ذلك، وذلك لأن العوض وهو المهر لم يقبض فكان لهم المنع من تسليم المعوض، فلهم المنع من تسليم المعوض وهو البضع حتى يستلموا عوضه، وهذا بإجماع أهل العلم وهذا ظاهر، ولأنه قد يتعذر استيفاء العوض فيتعذر عليها إرجاع المعوض، وظاهر قوله: "حالاً" أنه لو كان مؤجلاً فليس لها أن تمنع ولذا
قال: [فإن كان مؤجلاٍ ….. فليس لها منعها]
فإذا كان المهر مؤجلاً كأن يقول: " أتزوجها على عشرة آلاف إلى سنة،" ثم أراد أن يبني بها فليس لها أن تمنعه من نفسها، وذلك لأنها قد رضيت بتأخير صداقها وهو متضمن رضاها بتسليم نفسها قبل قبض صداقها.