وأما الأدلة المتقدمة فإنه ليس فيها أن المهر منفي، وإنما المهر مسكوت عنه، فالمهر لم يفرض -أي لم يسم- وليس في ذلك أنه منفي، وعلى ذلك فتفويض البضع باطل فالنكاح باطل، ولذا أبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - نكاح الشغار لعدم المهر- أي المهر منفي فيه -.

قال: [وتفويض المهر بأن يزوجها على ما يشاء أحدهما، أو أجنبي]

هذا هو النوع الثاني من التفويض وهو تفويض المهر كأن يقول " أتزوجك على ما شئت من المهر " أي على ما شئتِ من المهر أو تقول هي: " أرضى بنكاحك على أن يكون لي من المهر ما شئتُ "، أو يفوضاه إلى أجنبي عنهما كأن يقول: " على ما شاء فلان "، فهذا هو تفويض المهر فهنا قد فوض المهر وأهمل ولم يسمي فالنكاح صحيح ويجب مهر المثل. والفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة أن هذه المسألة المهر ثابت وهي لا ترضى إلا به، فهي إنما نكحته على مهر لكن هذا المهر مجهول، فلما كان مجهولاً كان فاسداً وعليه فيجب لها مهر المثل، وأما المسألة السابقة فلا مهر بل هو منفي.

قال: [ولها مهر المثل بالعقد ويفرضه الحاكم بقدره]

فالحاكم - أي القاضي-، هو الذي يقدر مهرها بالنظر إلى نسائها ثم قال بعد ذلك: ولها مهر نسائها فيقدر الحاكم مهر المثل بالنظر إلى مهر نسائها والمشهور في المذهب أن مهر نسائها هو مهر قريباتها من أبيها وأمها، كالأم والعمة والخالة والأخت ونحو ذلك، ويقدر المهر لها على حسب ما يكون لقريبتها المساوية لها جمالاً ومالاً وسناً وعقلاً وبكارةً وثيوبةً وأدباً، وقال مالك: بل يقدر لها المهر باعتبار ما فيها من الصفات بقطع النظر عن نسائها، بمعنى ينظر ما فيها من الصفات من نسب وجمال ونحو ذلك فيقدر لها المهر بحسب ما فيها من الصفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015