فأما النوع الأول: فهو أن يزوج الرجل ابنته المجبرة بلا مهر، أو تأذن امرأة لوليها أن يزوجها بلا مهر، فيكون المهر منفياً، فهذا يصح كما قال المؤلف، فيكون لها مهر نسائها هذا هو مذهب جمهور الفقهاء واستدلوا: بقوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة قالوا: ولما ثبت عند الخمسة بإسناد صحيح: أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ولم يدخل بها حتى مات فقال رضي الله عنه: (لها مثل صداق نسائها لاوَكسْ ولاشطط - أي لا نقص ولا ظلم -، وعليها العدة ولها الميراث) ، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: " قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بروع بنت واشق -إمرأة منا- بمثل ما قضيت به "، والحديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قالوا: فهذا يدل على صحة تفويض البضع، والقول الثاني في المسألة، وهو قول في مذهب أحمد واختاره شيخ الإسلام واختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أنه لا يصح النكاح إلا بمهر، والمهر إما أن يكون مسمى فيجب المسمى كأن يقول:" نكحت موليتك على عشرة آلاف "، وإما أن يكون مسكوتاً عنه فيجب مهر المثل، فهوا مسكوت عنه فليس بمنفي بل قد نكحها على مهر لكنه لم يفرض لها فيكون لها مهر مثيلاتها، وأما أن يكون منفياً فلا، وهو مخالف لكتاب الله تعالى ولسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} ، أي – ما فرضنا من المهور-، وأيضاً قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} ، ولذا النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبح الواهبة نفسها لخاطبها مع فقره الشديد حتى قال له: (التمس ولو خاتماً من حديد) ولم ينكحه بلا مهر حتى أنكحه بما معه من القرآن، وهذا القول هو القول الراجح.