فيكون نظير قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه) (?) ، فإن الرجل الذي ينتظر الصلاة قد نص الشارع أنه في صلاة مع أنه ليس في الصلاة حقيقة لكنه في عبادة هي انتظار للصلاة، ومع ذلك بالإجماع لا يشترط فيه ما يشرط في المصلي، وكذلك إذا غدا إلى المسجد أو راح فإنه في صلاة كما ثبت في أبي داود – ومع ذلك فإنه لا يجب عليه ما يجب على المصلى.
إذن: يقال: حديث: (الطواف بالبيت صلاة) لم لا تستدلون به على تحريم الأكل والشرب أو غير ذلك من المسائل، فعلى ذلك: ليس المراد أنه في حكم الصلاة، وإنما المراد نظير قوله: (فإن أحدكم في صلاة) أي عليه أن يكون في سكينة ووقار وانضباط، فكما أنه إذا ذهب إلى المسجد فيجوز له ما يحرم على المصلي من الأحكام، لكنه عليه أن يكون في سكينة ووقار فكذلك هنا، عليه أن يكون كهيئة مشيته إلى الصلاة بسكينة ووقار، فيقلّ من الكلام والحركة ونحو ذلك، لكن ذلك كله جائز لا حرج فيه إلا ما دل دليل على تحريمه والنهي عنه.
وهذا – كما تقدم – هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو الراجح.
فالراجح أن الطواف بالبيت لا يشترط فيه الوضوء.
وهل يجوز له أن يطوف وهو محدث حدثاً أكبر وهل تطوف الحائض؟
محل هذا في غير هذا الباب، فسيأتي الكلام على هذا في باب الحج، والمسألة الأولى في باب الغسل إن شاء الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين.
انتهى باب نواقض الوضوء
الدرس الثاني والثلاثون
(يوم الجمعة: 25 / 11 / 1414 هـ)
باب الغسل
الغُسل: لغة هو فعل الاغتسال، ويصح أيضاً بالفتح (الغَسل) والأول أشهر.