فإذن: لا يستدل مطلقاً على إيجاب كل فعله (?) - النبي صلى الله عليه وسلم - بقوله: (لتأخذوا عني مناسككم) .
وأما الحديث: فإنه لا يصح الاستدلال به على هذا المطلوب بدليل: أن هذا الحديث قد ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد أحل النطق، وقال هو موضع استدلالهم: (الطواف بالبيت صلاة) ، فظاهر اللفظ غير الواقع، فإن ظاهره أن كل ما في الصلاة ثابت بالطواف، وهذا ليس بصحيح، فإن غالب مسائل الصلاة لا تثبت مسائل بالطواف كالأكل والشرب والحركة الكثيرة والالتفات الكثير ونحو ذلك مما حرم بالصلاة بالإجماع، وهو جائز في الطواف بالإجماع، فغالب مسائل الصلاة ليست ثابتة بالطواف.
وأعظم من ذلك أن الطواف لو كان صلاة حقيقة لافتتح بالتكبير واختتم بالتسليم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (?) وليس في الطواف بالاتفاق تكبير مفترض ولا تسليم مطلقاً.
فإذن: يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الطواف بالبيت صلاة) ليس مراده أنه صلاة له أحكام الصلاة، وإنما المراد أنه عبادة يتقرب بها إلى الله، وهي عبادة متصلة بالبيت كاتصال الصلاة وأنه مأجور عليها بنية ما يؤجر عليه في الصلاة.