الدرس الثلاثون بعد الثلاثمائة

هنا مراجعة في مسألتين تقدم البحث فيهما في الدرسين السابقين

أما المسألة الأولى: فهي عند شرط المرأة طلاق ضرّتها، فقد تقدم أن المشهور في المذهب صحة هذا الشرط، والراجح هو قول الموفق واختيار ابن القيم أن ذلك لا يصح وذكر الموفق أنه لم ير هذا القول لغير أبي الخطاب من الحنابلة فالراجح أن هذا الشرط لا يصح لأنه يخالف شرع الله في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإن مالها ما قدر لها) متفق عليه، وكل شرط يخالف كتاب الله فهو باطل، وذكر ابن القيم الفرق بين اشتراط طلاق الضرة وبين أن تشترط على زوجها ألا ينكح عليها أو ألا يتسرى، وأن الفرق بينهما أن اشتراط طلاق الضرة فيه ضرر على الضرة ففيه كسر لقلبها وخراب لبيتها ولا شك أن مثل هذا ضرر ظاهر.

أما المسألة الثانية: فهي أن الحنابلة يخصون العيوب بالعيوب التي تقدم ذكرها –على خلاف في بعضها – واختار ابن القيم أن كل عيب ينفر الآخر ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة فإن الفسخ يثبت به، وحكاه قولاً لبعض الشافعية وحكاه قولاً للزهري ولشريح القاضي واستدل – رحمه الله – بأن ثبوت الفسخ هنا أولى من ثبوته في البيع فإن شروط النكاح أوثق وكذلك الفسخ فيه أولى، قال ولأن الإطلاق يحمل على الأصل وهو السلامة من العيوب، وهو قد أطلق فلم ينفي العيوب فإنه إذا نفى عيباً لا ينفسخ النكاح به، فإن الفسخ ثبت حيث ثبت هذا العيب لكن هنا حيث لم يشترط نفيه فالأصل السلامة من العيوب وإطلاقه يحمل على ذلك والمشروط عرفاً كالمشروط لفظاً، فإن العرف يقضي بذلك فإنه إنما خطب السليمة من العيوب، قال ولأن ذلك أقبح التدليس والفحش أي إذا سكتوا عن ذكر عيوبها، قال في الإنصاف في هذا القول وما هو ببعيد. آهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015