هذه العيوب في المشهور من المذهب، وقاعدة ابن القيم – كما تقدم – أعم من ذلك وهي أصح لكن ليست على إطلاقها بل يستثنى من ذلك ما إذا كان يمكنه الإطلاع على عيبها ومع ذلك فرّط بعدم السؤال وعدم الرؤية مع تمكنه من ذلك وعدم استخبار أهلها، فإذا كان منه تفريط فلا يثبت لها الخيار لأنه هو الذي فرّط. وأما إن كان العيب لا يحصل بسؤاله كأن يكون عيباً داخلياً في المرأة في فرج ونحوه فإنه يثبت له الخيار، ودليل ثبوت الفسخ هو القياس على البيع، بل هذا الحكم أولى في النكاح منه في البيع، وذلك لأن شروط النكاح أوثق وكذلك حق الفسخ منه أولى، وخيار الفسخ على التراضي ما لم يدل دليل على الرضا، وفي المسألة السابقة وهي ما إذا عتقت الأمة تحت عبد، فإن لها حق الفسخ على التراضي- كما تقدم – فإن فعلت ما يدل على الرضا كأن تمكنه من وطئها جاهلةً بحق الفسخ أو جاهلةً بالعتق، ومثله ما يكون في هذا الباب من جهل المرأة بحق الفسخ، فالمشهور في مذهب الحنابلة أن المرأة إذا مكنت زوجها من نفسها وكان لها حق الفسخ وهي جاهلة فإن حق الفسخ يسقط، واستدلوا بما روى أبو داود في سننه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عتقت بريرة خيرها وقال: (إن كان قد قربك فلا خيار لك) .

والقول الثاني: وهو مذهب الشافعية وقول إسحاق وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أن الخيار يثبت لها، وذلك كسائر الحقوق التي لا تسقط إلا بما يدل على الرضا، وهي جاهلة معذورة، وسائر الحقوق لا تسقط إلا بما يدل على الرضا وهذا هو الراجح، وأما حديث أبي داود فإسناده ضعيف، لكن إن مكنته من نفسها مع علمها ومعرفتها بحق الفسخ فالنكاح ثابت ماضٍ وليس لها حق الفسخ بعد ذلك، ففي موطأ مالك بإسناد صحيح أن ابن عمر قال " إن الأمة إذا مسّها فلا خيار لها "، وذلك إذا مسّها بعد علمها بحق الفسخ ثم مكنت نفسها منه فليس لها الفسخ بعد ذلك لأن هذا دليل رضاها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015