وقوله: (طاهر) لفظ مشترك أي التي تحمل معان، فيحتمل أن يكون معناها (إلا طاهر) أي: (إلا مؤمن) لذا ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) (?) .
ويحتمل أن يكون المعنى: أن لا يمس القرآن إلا طاهر من الحدث الأكبر لقوله تعالى: {فإن كنتم جنباً فاطهروا} (2) ويحتمل أن يكون المعنى: (لا يمس القرآن إلا طاهر من الحدث الأصغر ودليل تسمية المتطهر من الحدث الأصغر طاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإني أدخلتهما طاهرتين) (?) ، فمن تطهر من الحدث الأصغر فهو طاهر، ومن تطهر من الحدث الأكبر فهو طاهر، ومن تطهر من الشرك والكفر فهو طاهر.
فإذن: لفظة: (طاهر) لفظ مشترك.
والراجح عند الأصوليين أن اللفظ المشترك يحمل على كل ما يدل عليه من المعاني، إن لم توجد قرينة تدل على أن المراد به أحد المعاني بعينه، لا سيما في هذه اللفظة النبوية فإنها أي لفظة (طاهر) قد وقعت في سياق النفي فتفيد العموم.
أي: لا يمس القرآن إلا مؤمن ولا يمس القرآن إلا طاهر من الحدث الأكبر، بل لا يمس القرآن إلا متوضئ.
وهذا المذهب هو مذهب جماهير الفقهاء، وهو مذهب سعد بن أبي وقاص كما في الموطأ بإسناد صحيح (?) ، وحكاه شيخ الإسلام عن سلمان الفارسي وعن ابن عمر، وقال الموفق: " ولا نعلم لهم مخالفـ[ـاً] ".
فإذن: هو مذهب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد حكاه - أي هذا القول – ابن هبيرة في الإفصاح – إجماعاً.
- وخالفت الظاهرية: فقالوا يجوز أن يمس القرآن وإن كان محدثاً.