قوله: (ويحرم على المحدث " أي حدثاً أصغر " مس المصحف والصلاة والطواف) :
قوله: " مس المصحف ": المصحف يصح بفتح الميم وكسرها وضمها فيحرم عليه أن يمس المصحف.
والمصحف يصدق على الورق التي كتبت عليها الآيات القرآنية، ويصدق على الحواشي، وهي ما يكون أعلى الصفحة وأسفلها ويمينها وشمالها، ويصدق على الغلاف الذي يتصل به، فكل ذلك مصحف فكما يقع عليه التبع، تقع عليه بقية الأحكام، ودليل ذلك ما رواه النسائي والترمذي من حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وأن لا يمس القرآن إلا طاهر) (?) .
قالوا: هذا الحديث وإن كان مرسلاً من حيث السند لكن له شهرة عظيمة في الأمة من عصور التابعين فمن بعدهم، حتى قال الشافعي: " يثبت عندهم – أي أهل الحديث – أنه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم "، وقال الإمام أحمد: " لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه ".
والحديث قد تلقته الأمة بالقبول مما يغني عن النظر في إسناده ومع ذلك فإن هذه القطعة ثبت لها شاهدان شاهد رواه الدارقطني من حديث ابن عمر وشاهد آخر عند الطبراني في الكبير من حديث عثمان بن أبي العاص.
فهذه القطعة صحيحة ثابتة، من غير النظر إلى المعاني المتقدمة من تلقي الأمة لها بالقبول، بل هي كذلك على موازين الاصطلاح المجردة عن تلقي الأمة، هو صحيح بشاهديه.
فإذن: (وأن لا يمس القرآن إلا طاهر) قاله: النبي صلى الله عليه وسلم.