لكن الأصل على مذهب الجمهور أن مال الحربي ليس بمعصوم وإنفاذ الوصية ينافي ذلك.

ويستثنى على اختيار ما قاله الجمهور السلاح والخيل ونحوه التي يقاتل بها المسلمون فإنها لا تحل الوصية له بها.

وكذلك يستثنى ما إذا كانت وصية إلى غير معينين، كأن يوصي لليهود أو النصارى أو نحو ذلك، فهذا لا يصح لما فيه من منافاة مقصود الشرع، ولما فيه من إرادة نفعهم لديانتهم وهذه من الموالاة المحرمة.

إذن: ما ذهب إليه الأحناف فيه قوة، وذلك لأن الحربي ماله ليس بمعصوم، وانفاذ الوصية ينافي ذلك. والله أعلم.

قال: [ولعبده بمشاع كثلثه ويعتق منه بقدره] .

إذا أوصى لعبده بمشاع كثلث المال أو ربعه أو نصفه، فإنه يصح، والعبد لا يملك لكن لما أوصى بمشاع دخل في ذلك العبد لأنه من المال، فإذا أوصى بالثلث فإن ثلث العبد يدخل فكانت الوصية بالمشاع متضمنةً للعتق منه.

بخلاف ما لو كان غير مشاع، كأن يقول: أوصيت لك بداري أو بكذا درهماً أو ديناراً، فإن هذا اللفظ لا يدخل فيه العبد، وحينئذ فيكون تمليكاً للعبد، والتمليك للعبد تمليك لسيده وسادته هم الورثة وحينئذ يكون هذا لا فائدة منه لأنه تمليك للمالك فهم مالكون للعبد والمال.

ولذا قال المؤلف بعد ذلك: [وبمئه أو بمعين لا تصح له] .

لأنه مملوك للورثة وهذه الوصية تكون لورثته فحينئذ لا فائدة من ذلك لكن إذا أوصى له بجزء مشاع كالثلث أو الربع فإنه يعتق منه بقدر المشاع فإذا قال: لك الربع عتق ربعه، فإن كان هناك فاضل عتق بقيته بقدر قيمته، فإن بقي شيء فله الفاضل.

ولذا قال: [ويأخذ الفاضل] .

أي بعد عتقه، فإذا عتق وبقي شيء فإنه يكون له لأنه يكون حراً فيصح تملكه.

قال: [وتصح بحملٍ ولحملٍ تحقق وجوده قبلها] .

أي قبل الوصية، أي تصح الوصية بحملٍ قد تحقق وجوده قبلها، كأن يقول "أوصيت لك بحمل هذه الدابة" وقد تحقق من وجود هذا الحمل أو "أوصيت بحمل هذه الأمة" وقد تحقق وجود هذا الحمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015