وقوله (أو آجره إياه) كذلك إذا آجره إياه لا يبرأ، وذلك كما تقدم في الوديعة، لأن العين المؤجرة في يد المستأجر غير مضمونة، فحينئذ الضمان الواجب على الغاصب ما زال باقيا غير مدفوع.
* وهنا إشكال، في قول المؤلف (وصبغ الثوب........ إلى أن قال: فهما شريكان بقدر ماليهما) وقد تقدم قوله في أول باب الغصب (أو صبغه فلا شيء للغاصب) وقد تقدم أن اختيار شيخ الإسلام في المسألة السابقة أنهما شريكان فالصبغ يكون المالك له شريكا به، وهنا كذلك كما هو مقرر هنا، بينما هناك أدخلها المؤلف مع تغسيل الثوب ونسج الغزل، وهل بينهما تعارض؟؟
الجواب: الذي يظهر أن بينهما تعارضا، وأن المسألة الأولى وهم من المؤلف، فإن صاحب المقنع لم يذكر صبغه، وهو أصل هذا الكتاب، وشيخ الإسلام لما استدل على أنه يكون شريكا للمالك في هذه المسائل التي أوهم المؤلف في إدخال الصبغ منها: احتج عليهم بالصبغ، وقال: كالصبغ، وفرق الموفق رحمه الله بين الصبغ وغيره من المسائل المتقدمة،بأن الصبغ عين ولذا تقدم أنها منافع، والمنافع تجرى مجرى الأعيان، والصبغ ليس بمنفعة، وإنما هو عين.
قوله [وما تلف أو تغيب من مغصوب مثلي غرم مثله إذا]
إذا تلف المغصوب أو أتلف أو تغيب كجمل يشرد مثلا فيجب ضمان مثله إن مثليا، والمشهور في مذهب الحنابلة أن المثلي هو المكيل أو الموزون مما ليس فيه صناعة مباحة، ويصح سلما، فالمكيلات كالبر مثلا، فإذا غصب منه مائة صاع من البر الجيد فيضمن الغاصب مائة صاع من البر الجيد، والموزونات كالحديد، فإذا غصب منه كذا وكذا رطلا من الحديد فإذا تلفت فيجب على الغاصب أن يدفع له قدرها من الحديد.
وقولنا " مما ليس فيه صناعة مباحة " فإن كانت فيه صناعة مباحة فليس بمثلي كالحلي مثلا، فإذا غصب منه حليا، فإن هذا الذهب المصوغ لا يضمن بمثله، بل بقيمته، فتقدر قيمة هذا الحلي ويدفعها له هذا الغاصب.