القول الثاني: وهو القول الثاني في المذهب وهو مذهب الجمهور أن عقد المساقاة عقد لازم بين الطرفين فلا يجوز للمالك ولا للعامل أن يفسخ، وهو اختيار شيخ الإسلام والشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ عبد الرحمن بن سعدي.
القول الثالث: وهو قول لبعض الحنابلة وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه عقد لازم من جهة المالك وجائز من جهة العامل، فالمالك ليس له أن يفسخ إلا برضى العامل، وأما العامل فيجوز له أن يفسخ ولو لم يرض مالك الشجر.
أما أهل القول الأول فاستدلوا بحديث ابن عمر وفيه رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل خبير: (نقركم فيها على ما شئنا) [خ 2338، م 1551] قالوا: فهذا يدل على أنها عقد جائز والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقرهم فيها وهو نائب المسلمين على ما يشاء، قالوا: كالمضاربة، والمضاربة بالاتفاق عقد جائز، فكذلك هنا.
وأما أهل القول الثاني الذين قالوا أنها عقد لازم فقاسوها على الإجارة، فالإجارة عقد لازم فكذلك عقد المساقاة بجامع أن فيهما كليهما العوض والكسب، قالوا: وإذا لم تكن عقدا لازما فإن في ذلك ضررا، فقد يعمل العامل عدة أشهر ثم بعد ذلك يقول له فسخت، وحينئذ يتضرر العامل، ولا ضرر ولا ضرار كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأما أهل القول الثالث فقالوا: الضرر إنما يلحق العامل، فلا ضرر على المالك، فجعلناه لازما في حق المالك، حتى لا يتضرر العامل، وأما العامل فهو عقد جائز من جهته.