كذلك تصح المساقاة على ثمرة موجودة، بمعنى غرس نخلا فأثمر هذا النخل ويحتاج إلى عناية وعمل، فله أن يساقي عليه أحداً ليعمل له حتى يتم نضج هذه الثمار، فهذا جائز لأن الأصل في المعاملات الحل.
قوله [وعلى شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من الثمرة]
كذلك تصح المساقاة على شجر يغرسه، كأن يقول هذه أرضي وهذا نخلي فاغرس النخل في أرضي واسقها واعمل عليها ولك النصف أو الثلث أو نحو ذلك، فهذا جائز، وذلك لأنه لا فرق بين المسألة السابقة وهذه المسألة إلا مزيد عمل من العامل، حيث إنه هنا يزيد عمله بالغرس وهذا لا يمنع من الصحة وتسمى بالمناصبة.
وقوله (بجزء من الثمرة) أي بجزء من الثمرة مشاع معلوم، أما لو قال له: بجزء من الثمار، ولم يكن مشاعا فإنه لا يصح، فلو قال هذه مائة نخلة اغرسها في هذه الأرض ولك ثمار هذه النخيل العشر أو لك ثمار هذه النخيل العشرين أو لك ثمار نخيل هذه الجهة أو لك ثمار هذا النوع فهذا لا يجوز، وكذلك لو قال: لك ستون وسقا أو نحو ذلك، فهذا كله لا يجوز لما فيه من الغرر، فقد ينتج هذا النوع ولا ينتج النوع الآخر، وقد تنتج هذه الجهة ولا تنتج الجهة الأخرى.
قوله [وهو عقد جائز]
أي لكل منهما - لمالك الشجر وللعامل - أن يفسخ فهو عقد جائز بين الطرفين، فمثلا اتفقا على أن يعمل له في بستانه الذي فيه نخيل، والثمار بينهما مناصفة، فلما مضى شهر قال رب المال: أنا أريد الفسخ، فله الفسخ، أو قال العامل: أنا أريد الفسخ فله الفسخ، وهذا هو المشهور في مذهب الحنابلة، وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: هو هذا القول وأن المساقاة والمزارعة عقد جائز بين الطرفين، وهو المشهور من المذهب.