والمذهب يقتصر في شركة العنان على أن يكون مال شركة العنان من الدراهم والدنانير المضروبة، ولا تصح الشركة في العروض، فلو اشتركا في قماش أو ثياب أو أراض عقارية فهذا لا يجوز، وعللوا ذلك: بأن عروض التجارة من القماش والثياب ونحوها أسعارها تزيد وتنقص فلا تكون منضبطة، فإذا أراد أن يفترق الشريكان فحينئذ قد يستوعب نصيب أحدهما المال كله، فمثلا: اشتركا في أراض في حائل وأراض في الرياض، وبعد عشر سنوات أصبحت قيمة الأراضي في الرياض أضعافا كثيرة، ونزلت قيمة الأراضي في حائل فإذا قيل يشتري لهذا أرض في الرياض وللآخر أرض في حائل فقد يستوعب الأول الربح كله أو أكثره فلا يصح الشركة فيها للغرر لأن القيمة غير منضبطة، وذهب الإمام مالك وهو رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو اختيار الإمام محمد بن عبد الوهاب وصوبه صاحب الإنصاف واختيار طائفة من الحنابلة أن الشركة في العروض جائزة، قالوا: لأن الأصل في المعاملات الحل، وأما ما ذكرتموه من الغرر فإنه يندفع بتقويمها عند العقد، وتكون دراهما عند الفراغ من الشركة أو بطلانها، فإذا اشتركا - كما في المثال المتقدم - في أراضي في مناطق مختلفة أو بعروض أو نحو ذلك فإنها تقوم ويكون رأس كل واحد منهما هو هذا، وحينئذ فلا غرر، وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
قوله [وأن يشترطا لكل منهما جزءا من الربح مشاعا معلوما]
فيشترط لكل واحد منهما - أي من المتشاركين - جزءا من الربح مشاعا، كالربع والثلث أو النصف ونحو ذلك، وهذا باتفاق العلماء دفعا للغرر، وذلك لأنهما لو قدرا دراهم محدودة في كل شهر فقال: لهذا ألف درهم كل شهر، وللآخر الباقي فهذا فيه غرر، وقد يربح أضعافا مضاعفة، وقد لا يربح شيئا، فيكون في ذلك غرر، وهذا من الميسر المنهي عنه.
قوله [فإن لم يذكرا الربح.... لم يصح]