وعلى كل واحد منهما أن يقوم بما تجري العادة بتوليه إياه، فكل واحد منهما يقوم بالعمل الذي تقتضي العادة أن يقوم مثله بمثله، فإذا اشتركا في بيع قماش فطيه ونشره وإدخاله وإخراجه من الدكان هذا يقتضيه العقد، ويتولى الشريك مثله، فإذا استأجر الشريك أجيرا لشيء من هذه الأعمال فعليه الأجرة، لأن مقتضى عقد الشركة أن يقوم هو به، فإن قام به غيره فعليه الأجرة، وليست الأجرة من مال الشركة.
وأما إن كان من الأعمال التي لا تقتضي العادة قيامه بها، كأن تكون الشركة في عدة دكاكين وهما شريكان ومعلوم أنهما لا يمكن أن يقوما بالإشراف والبيع في هذه الدكاكين الكثيرة فحينئذ إذا استأجر أجراء ليقوموا بهذه الأعمال فيكون ذلك - أي أجرتهم - من الشركة.
أما إذا كانت العادة تجري - كما يوجد عندنا - بمجرد الإشراف عليه ومتابعته للعمال فإذا أتى بأحد يشرف عنه فعليه هو الأجرة، لأن العادة جارية بأن الإشراف يكون على الشريك أو على الشريكين، وأما الأجراء والعمال فإن العادة جارية على أنه لا يتولاه مثله وحينئذ فتكون الأجرة من مال الشركة.
قوله [ويشترط أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين ولو مغشوشين يسيراً]
فيشترط أن يكون رأس المال من النقدين من الدراهم والدنانير المضروبين، ولو كان فيهما غش يسير فلا بأس، فلو كان في الذهب غش يسير من فضة فهذا لا يؤثر، وذلك لأن هذا الغش اليسير لا يمكن التحرز منه، وهذا في القديم لما كانت تضرب الدراهم والدنانير وهو لمصلحة تصليب النقد، وأما إذا كان الغش كثيرا فلا يصح حينئذ المشاركة بها، وذلك لما فيه من الغرر. والمضروب هو الذي جعل نقداً.