إذا أعطى شخص أحدا من هؤلاء الثلاثة - السفيه أو المجنون أو الصغير - ماله بيعا أو قرضا رجع بعينه، فإن أدرك ماله فإنه يرجع به، فالبيع غير صحيح، فإذا أدرك ماله وإن كان فيه تغير فإنه يأخذه، وهذا ظاهر لأن البيع عليهم باطل لا يصح، فالمبيع راجع إلى صاحبه، وإن أتلفوها لم يضمنوا، لأنه مفرط حيث عاملهم بالبيع أو القرض سواء علم بالحجر أم لا، لأن الحجر عليهم مظنة الشهرة فلم يعذر فيه بالجهل، فقد فرط حيث لم يتبنه لذلك، وعليه فإذا أتلفوا المال ولو كنوا متعمدين فإنهم لا يضمنوه في أموالهم، وظاهر كلامهم أن هذا عام في هؤلاء ومنهم السفيه، والذي يظهر أن الحجر على السفيه ليس مظنة الشهرة، فهو رجل عاقل مكلف لكن عنده سوء تصرف في المال، فمعرفة الحجر عليه ليس مظنة الشهرة، فالذي يظهر وهو قول لبعض الحنابلة عبر عنه صاحب الإنصاف بقوله:" قيل " أن البائع أو المقرض أو نحوهما إذا جهل أن هذا سفيه فإن السفيه يضمن، لأنه عاقل مكلف قد يسلط على مال غيره من غير تفريط من هذا الغير فكان ضامنا، وأما إذا دخل على بصيرة فهو الذي قد مكنه من التصرف في ماله وإتلافه فلا يضمن.

قوله [ويلزمهم أرش الجناية وضمان مال من لم يدفعه إليهم]

في المسألة السابقة حيث كان التعامل فيه تسليط، أي قد سلطهم على ماله، وأما إذا كان التعامل ليس فيه تسليطا كالعارية والوديعة فإن المعير والمودع لم يسلط المستعير ولا المودع على ماله، بل قد جعله عند هذا عارية، ليستفيد منها ثم يعيدها من غير إفساد لها، وجعل هذه وديعة عنده، فهي أمانة، فإذا وضع وديعة أو عارية عند أحد من هؤلاء الثلاثة فأتلفها فهل يضمن أم لا؟

قولان في المذهب:

القول الأول: أنه لا ضمان، وذلك لأنه لما أعارهم وأودعهم فقد مكنهم من التصرف فيها وإتلافها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015