أما دليل أهل القول الأول من أنه لا يباع عليه مسكنه فقالوا: لأن المسكن من الحاجيات، فأشبه النفقة المتفق عليها، فإن النفقة بالمعروف من الحاجيات، ويمكن أن يعطى من النفقة ما يدفع عنه الجوع ويذهب عنه الظمأ، ومع ذلك يترك له ما يطعمه بالمعروف وكذلك الكسوة، وهي من الحاجيات فكذلك المسكن.

وأما أهل القول الثاني فاستدلوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك) ، قالوا: فقوله (خذوا ما وجدتم) عام فيدخل فيه المسكن، وأجاب أهل القول الأول عن استدلالهم بهذا الحديث بأنها قضية عين فيحتمل ألا مسكن له، ثم إن قوله (خذوا ما وجدتم) إنما هو فيما تصدق عليه به، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تصدقوا) فتصدق الناس، ثم قال: (خذوا ما وجدتم) أي من الصدقات التي تصدق عليه بها.

فالأظهر هو القول الأول، وأنه يترك له ما يسكنه بالمعروف، ولكن هل يستثنى من ذلك ما إذا كان قد استدان فاشترى مسكنا أم لا يستثنى منه؟

استثنى هذا بعض الحنابلة، وقوى الشيخ عبد الرحمن بن سعدي هذا القول، بل قد قوى مذهب المالكية والشافعية، وتقدم أن قول المالكية والشافعية مرجوح في هذه المسألة، ولكن هل ما ذهب إليه بعض الفقهاء من الحنابلة صحيح؟

الجواب: هذا فيه قوة حيث كانت هناك قرينة تدل على أنه كان محتالا مبطلا، وقد اشترى هذا المسكن ثم قال إنه معسر، فهذا قد تلاعب بأموال الناس وأراد أن يصل إليها بالطرق الباطلة، فإذا اشترى السكن مستدينا ثم ادعي الإعسار فإذا كانت هناك قرينة تدل على احتياله فإن الشريعة قد أتت بإبطال الحيل، فحينئذ يعامل بنقيض قصده فيباع بيته ويعطى غرماؤه كل منهم يأخذ قسطه كما تقدم تقريره.

فصل في المحجور عليه لحظه

قوله [ويحجر على السفيه والصغير والمجنون لحظهم]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015