واستدل أصحاب القول الأول بما ثبت في سنن الدارقطني بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (باع حرا قد أفلس في دينه) [قط 3 / 16، هق 6 / 50] أي باع منافعه، وهذا من باب المجاز لامتناع ذلك في الشريعة، وهذا كقوله تعالى {واسأل القرية} أي اسأل أهلها، فقوله (باع حرا) أي باع منافعه، أي أجره، وهذا يدل على أن يعمل ويتكسب ليقضي دينه، ويستدل على ذلك بأن الشريعة قد دلت على وجوب إعطاء صاحب الحق حقه، وإنما عذر المعسر لإعساره، أما وهناك وسيلة لقضاء الدين فإنه لا عذر، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والوسائل لها أحكام المقاصد، فإعطاء الحق لصاحبه واجب، ووفاء الدين واجب، والتكسب والعمل وسيلة إلى ذلك فهو قادر على هذه الوسيلة فوجبت عليه.
واستدل أصحاب القول الثاني بقول الله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} والصحيح هو القول الأول لقوة أدلتهم كما تقدم، وأما الآية فالمراد به العاجز عن قضاء دينه من ماله ومن تكسبه، فهو المعسر أما إذا كان قادرا على قضاء الدين بتكسبه فليس بمعسر، فالمعسر هو العاجز عن قضاء الدين، ولا يعتبر معسرا إذا كانت عنده قدر على التكسب.
المسألة الثانية: أنه ينفق على المحجور عليه من ماله بالمعروف، وينفق على من ينفق عليهم ويعولهم بالمعروف أيضا أثناء الحجر، ويترك له بعد الحجر ما ينفق على نفسه وعياله بالمعروف، هذا إذا لم يكن له قدرة على التكسب، وأما إذا كان له قدرة على التكسب والإنفاق على نفسه وعياله فإنه لا يترك له شيء من ذلك، واختلف أهل العلم هل يترك له مسكنه أم لا؟
على قولين:
القول الأول: أنه يترك له مسكن لائق به بالمعروف، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.
القول الثاني: وهو مذهب المالكية والشافعية أنه يباع عليه ويكترى له.