إذا انهدم جدارهما المشترك، أو خيف ضرره أي خيف أن يسقط كأن يظهر فيه انهدام أو شيء من الاعوجاج ونحو ذلك، فطلب أحدهما من الآخر أن يعمره معه فإنه يجبر على ذلك، وهذا هو المشهور من المذهب وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله، وقال الأحناف والشافعية لا يجبر على ذلك، أما دليل أهل القول الأول فهو حديث: (لا ضرر ولا ضرار) وانهدامه يضر بالجار، واستدل أهل القول الثاني بعلة وهي أن هذا الجار الذي لم يشأ أن يبني جداره لا يلزمه أن يبنيه، والجدار لا حرمة له، فلم يجب عليه أن ينفق عليه، فالنفقة غير واجبة في بنائه وإصلاحه ونحو ذلك، وما ذكروه صحيح حيث كان الجدار له وحده، أما وله مشارك فلا يظهر تعليلهم، وعليه فالراجح هو القول الأول، ويؤيده ما سبق ذكره في الرهن وأنه يلزم بالنفقة على الرهن حيث كان هناك ضرر على الآخر، وهنا كذلك.
قوله [وكذا النهر والدولاب والقناة]
كذلك النهر إذا احتاج إلى إصلاح فإن كل من يستفيد من هذا النهر فإنه يلزم بهذا الإصلاح، وهذا يتضح في الأنهار التي تحتاج إلى إصلاح وتعمير وحفر، وذلك لأنه شيء مشترك فأشبه المسألة المتقدمة، فإن الحقوق متعلقة به، بخلاف ما لو كان منفردا، كذلك الدولاب، وهو الذي تديره الدابة للسقي بمعنى: يكون في البئر أو عند النهر فتديره الدواب فيسقي منه الناس، فالدولاب إذا احتاج إلى إصلاح فكذلك كما يكون في الجدار، وكذلك القناة، وهي ما يشق من النهر مما يكون مجرى للماء، أي يجري إلى بعض مزارع الناس أو إلى بيوتهم، فكذلك إذا احتاج إلى إصلاح فإنه يجبر الآخرون، لأنه حق مشترك، لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) .