هذه من الحيل التي تخفى على الناس، إن قال: أقر لي بديني وأعطيك منه النصف، ففعل هذا وأقر صح الإقرار لا الصلح، أما الإقرار فيصح لأنه حق ثابت قد أقر به، فلم يصح إنكاره، وأما الصلح فلا يصح لأنه حق ثابت له فلم يعط هذا الحق إلا بعوض فكان العوض باطلا.
* مسألة: هل يصح الصلح على شيء مجهول أم لا؟
في المسألة تفصيل:
- فإن كان هذا المجهول لا يمكن التوصل إليه فإن الصلح يصح.
- أما إذا كان يمكن التوصل إليه ومعرفته فإن الصلح لا يصح.
مثال الأول: إذا كانت هناك مواريث مجهولة، أو كانت هناك أراضي لا يدرى حدودها ولا يميز بينها ولا يمكن معرفة هذا، فتصالحا على شيء وتراضيا عليه، فلا بأس بذلك، للحاجة الداعية إليه، ولما فيه من إبراء الذمم، وإعطاء ما يمكن إعطاؤه من الحق، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود بإسناد حسن من حديث أم سلمة قالت: (جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن بحجته أو قد قال لحجته من بعض فإني أقضي بينكم على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاما - أي حديدة تسعر بها النار - في عنقه يوم القيامة فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لأخي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما إذ قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه [حم 26117، د 3584] ففي الحديث دلالة على جواز الصلح على شيء مجهول لا يمكن معرفته.
وأما إذا كان المجهول يمكن معرفته فقولان في مذهب الحنابلة:
القول الأول: هو الجواز.