وهذا الفصل سيكون في الصلح على الإقرار، والصلح على الإقرار هو أن يقر المدعي عليه بالدعوى ثم يتصالحا على أن يسقط بعضه إن كان دينا أو يهبه بعضها إن كانت عينا أو يعطيه عوضها، مثال الأول: ادعى أن له في ذمته ألف ريال، فأقر المدعي عليه بذلك، ثم وضع عنه المدعي مائة ريال قطعا للمنازعة، ومثال الثاني: أن يدعي عليه أن هذه الدار التي هو سيكنها له، فيقر المدعي عليه بذلك، ثم يتصالحا على أن يترك له المدعي شطرها هبة، ومثال الثالث: أن يقر له بهذه الدار، ثم يتصالحا على أن يعطيه عوضا عنها كأن يعطيه بستانا أو أرضا أو نحو ذلك، وقد روى البخاري في صحيحه أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته فخرج إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كشف سجف حجرته ونادى كعب بن مالك قال يا كعب، قال لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك، قال كعب قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن أبي حدرد: قم فاقضه) [خ 471، م 1558] فهذا من الصلح على الإقرار، فقد وضع عنه شيئا من الدين الذي أقر به.
قوله [إذا أقر له بدين أو عين فأسقط أو وهب البعض وترك الباقي صح]
قوله (أسقط) أي من الدين، وقوله (وهب) أي من العين، فإذا أقر له بدين أو أقر له بعين فأسقط من الدين أو وهب البعض من العين وترك الباقي صح، وهذا مذهب جماهير العلماء لما تقدم في حديث كعب بن مالك، وليس فيه إلا أن صاحب الحق قد تنازل عن شيء من حقه برضى منه فكان ذلك جائزا.
قوله [إن لم يكن شرطاه]