والحكمة منه توثيق الدين، فكما أن الدين يوثق بالشهود طمأنينة لقلب الدائن وحفاظا على حقه فكذلك يوثق بالرهن.
إذا علم هذا فليعلم أن ما تقدم من تعريف الحنابلة للرهن فيه نظر، فإن الحنابلة لا يرون الرهن إلا بالعين، ولذا قال المؤلف:
قوله [يصح في كل عين]
أما إذا كان الرهن دينا أو منفعة فلا يصح، وهذا هو المشهور من المذهب، فلا بد أن يكون عينا، كأن يقول: أقرضني مائة ألف ريال وأضع عندك داري أو أرضي رهنا، فإذا أتى وقت الوفاء وتعذر الوفاء فإن الرهن يباع، ويستوفى حقه منه.
فلا بد أن يكون عينا كما هو المشهور من المذهب، قالوا: لأن المقصود منه استيفاء حق المرتهن ببيعه إن تعذر الوفاء، وعليه فإذا كان دينا أو نحوه فإن ذلك لا يجوز، والقول الثاني وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أن كل ما يحصل به التوثيق يصح أن يكون رهنا، سواء أكان ذلك عينا أو دينا أو منفعة، لأن المقصود هو التوثيق، ويحصل التوثيق بالدين والمنفعة.
ولذا قال بعض الحنابلة - وهو خلاف المشهور من المذهب - يجوز أن يكون الرهن دينا على المرتهن للراهن، مثال ذلك: إذا كان لزيد على عمرو مائة صاع من البر إلى سنة، فأراد زيد أن يستدين منه، فيقول زيد لعمرو مثلا: أستدين منك مائة ألف ريال على أن يكون الذي عليك رهنا.