فالشرط السادس أن يقبض الثمن تاما قبل التفرق، فمثلا اتفقا على ألف ريال بكذا صاع من البر إلى سنة فلا بد أن يأخذ المسلم إليه دراهمه في المجلس قبل أن يتفرقا، وهذا هو مذهب الجمهور، قالوا: لأن السلم والسلف لا يثبت إلا بهذا، فإن السلم تسليم الثمن والسلف تقديم الثمن، فإن لم يتقدم الثمن ولم يسلم في مجلس العقد فإنه لا يكون سلما ولا سلفا، وحينئذ فالسلم والسلف مستثنى من حديث: (لا تبع ما ليس عندك) ، وقال المالكية: بل يصح، وهذا القول هو الراجح، لما تقدم، فإن السلم من أنواع البيوع، وهو إن لم تكن هنا سلما فهو بيع، فنحن إن سلمنا أنه ليس بسلم لأن السلم يقدم فيه الثمن في مجلس العقد فإنه بيع من البيوع، فإن قيل: قد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الدين بالدين، وهذا بيع الدين بالدين، فإنه إذا قال: أبيعك ألف ريال غدا أسلمها لك، على أن تعطيني كذا وكذا بعد شهر فهذا من بيع الدين بالدين، فالجواب: أن ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من نهيه عن بيع الدين بالدين لا يصح، وإنما صح الإجماع على النهي عن بيع الدين بالدين في بعض صوره، وقد تقدم ذكر الصور المنهي عنها، وهنا قد ثبت الخلاف فلا إجماع، ثم إن الأصل في البيوع الحل، وهذه الصورة ليس فيها ما يفسدها، بل كل من المتعاقدين له مصلحة في شغل ذمته بما شغلها به، وليس هذا داخلا في الأصناف الربوية فيكون ربا، وعلى هذا فهو حلال.
قوله [معلوما قدره ووصفه]
هذا ظاهر، وقد تقدم أن من شروط البيع أن يكون الثمن معلوما، فإن كان الثمن مجهولا فهذا بيع غرر، وقد نهى الشارع عن الغرر.
قوله [قبل التفرق]
تقدم الكلام على هذا.
قوله [وإن قبض البعض ثم افترقا بطل فيما عداه]