فلا يشترط أن يكون المسلم فيه موجودا في وقت العقد، وهذا ظاهر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشترطه ولا معنى لاشتراطه، فمثلا الفاكهة الفلانية نضجها في الصيف، فاتفقا في الشتاء على السلم فذلك جائز، لأن هذا وقت عقد لا وقت وفاء.
قوله [فإن تعذر أو بعضه فله الصبر أو فسخ الكل أو البعض ويأخذ الثمن الموجود أو عوضه]
إذا تعذر المسلم فيه، كأن يعطيه عشرة آلاف درهم على أن يعطيه إلى سنة كذا وكذا صاعا من الرطب، فكان الآخر قد حصلت له آفة سماوية فلم يمكنه أن يعطيه رطبا، فحينئذ قد تعذر كله، وكذلك إذا تعذر بعضه كأن يتفقا على مائة صاع، ولم تنتج بستانه إلا خمسين صاعا، فله أن يصبر فمتى قدر المسلم إليه فإنه يعطيه حقه سواء كان هذا من هذه السنة أو من السنة الثانية، وله الفسخ أيضا، وحينئذ إما أن يكون الفسخ للكل أو للبعض، فإن كان قد أسلمه بعض الثمرة فالفسخ يكون للبعض، وإن كان لم يسلمه شيئا منها فإن الفسخ يكون للكل، فليست (أو) هنا للتخيير وإنما هي للتنويع.
قوله (ويأخذ الثمن الموجود) فإذا كان الثمن موجودا فإنه يأخذه، (أو عوضه) فيأخذ عوضه إن لم يكن الثمن موجودا، فمثلا اتفقا على أن يدفع له مائة ألف ويعطيه الآخر بعد سنة كذا طنا من القمح، ثم تعذر عليه الكل، ولم يشأ المسلم الصبر وشاء الفسخ، فيقال: هل الثمن موجود، فإن كان موجودا أخذه، وإن لم يكن موجودا أخذ عوضه، فإن كان مثليا أخذ مثله، وإن كان غير مثلي أخذ قيمته، لأنه قد يكون السلم على غير الدراهم ونحوها، فقد يسلم على كذا وكذا من الشياة، فحينئذ يعطيه مثلها، وإن لم تكن مثلية فإنه يعطيه قيمتها، ويأتي إيضاح هذا في باب ضمان المتلفات.
قوله [والسادس: أن يقبض الثمن تاما]