هذه كلها عيوب في المبيع من باب التمثيل.
قوله [فإذا علم المشتري العيب بعد أمسكه بأرشه]
قوله (بعد) احتراز مما لو علم قبل العقد، لأنه يكون حينئذ قد دخل على بصيرة، فلم يكن له الخيار.
قوله [وهو قسط ما بين الصحة والعيب أو رده وأخذ الثمن]
فإذا علم المشتري بالعيب بعد العقد فله الخيار، وعلى هذا فله أن يمسك ويأخذ الأرش، أو يرد ويأخذ الثمن، والأرش هو قسط ما بين الصحة والعيب.
مثاله: باع عبدا على أنه كامل الأعضاء بمائة وعشرين، ثم العبد أنه أقطع، فنقول للمشتري: أنت بالخيار إن شئت أن تمسك ولك الأرش، وإن شئت أن ترد ولك الثمن، فإذا اختار الإمساك مع الأرش فهنا يقوم العبد لو كان صحيحا، فلو فرضنا أننا قومناه وهو صحيح بخمسة عشر ألفا، وقومناه وهو معيب بعشرة آلاف، فأصبح القسط بين ثمن الصحة والعيب الثلث، فثلث المائة والعشرين هو أربعون، وعلى هذا فعلى البائع أن يرد أربعين للمشتري، وهو أرش ذلك العيب.
وقد قال بإثبات الأرش الحنابلة، وقال الأحناف والشافعية وهو رواية عن الإمام أحمد أنه لا أرش، فإن شاء أمسك ولا أرش له، وإن شاء رد، واستدل أهل القول الأول بأنه قد فاته جزء من المبيع فاستحق الأرش مقابل ذلك الجزء الفائت عليه، وقال أهل القول الثاني: إن هذا الشيء الفائت نظير الشيء الفائت في مسألة التدليس، فإنه إذا باعه العبد على أنه كاتب فبان غير كاتب فأنتم لا تقولون بأنه له الأرش، لأن هذا من باب التدليس،فكذلك العيب، وأما كونه قد وقع عليه الغرر المتحقق بذلك فإنه يدفعه بخيار العيب، فيرد السلعة وله ثمنه، وهذا القول هو الراجح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن سعدي، لأن الشارع لم يذكر الأرش في المصراة وثبت بها خيار التدليس مع فوات صفة فيها يقدر بمال، فكذلك هنا وهو خيار العيب.