الرحى معروفة، فيجمع الماء ثم يرسله عند العرض على المشترين، فيندفع الماء بشدة فيتحرك الرحى بشدة، وحينئذ يكون في هذا تدليس، لأن هذه ليست سرعتها الحقيقية، وهذا محرم.
ومثل ذلك التصرية، والتصرية أن يحبس اللبن في الضرع عند بيع الشاة ونحوها إظهارا لكثرة لبنها، والحديث فيه هو الأصل في النهي عن التدليس وهو الأصل في ثبوت خيار التدليس، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين إنشاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر) [خ 2150، م 1515] وفي صحيح مسلم: (فهو بالخيار ثلاثة أيام) [م 1524] ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشا، فدل على عدم ثبوت الأرش في خيار التدليس، وأن من ثبت عليه التدليس فهو بالخيار إن شاء أمسك ولا أرش، وإن شاء رد.
وأما صاع التمر الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مقابل لهذا اللبن الذي شربه، وهو الذي كان في هذه الشاة عند بيعها، ولذا فإذا رد الشاة على حالها من غير ما تغير فإنه ليس عليه أن يرد صاعا من تمر، وإنما يرد معها صاعا من تمر إذا استعمله.
قال الموفق: وله الخيار متى علم التصرية، وهو الصحيح في المذهب، وقال بعض الحنابلة من حين البيع، فإذا علم التصرية فله الخيار إلى تمام ثلاثة أيام، وهو أظهر، وأبعد عن الخصومة.
قوله [الخامس: خيار العيب: وهو ما ينقص قيمة المبيع]
كأن يبيع عبدا على أنه كامل الأعضاء فيثبت أنه أقطع اليدين، فهذا عيب ينقص الثمن، فيثبت به خيار العيب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم أخ المسلم ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بينه له) [جه 2246] ، والضابط فيه ما ينقص قيمة المبيع عادة، وعليه فاليسير عادة لا خيار فيه.
ثم ضرب أمثلة لذلك فقال:
قوله [فإذا كمرضه وفقد عضو أو سن أو زيادتهما وزنا الرقيق وسرقته وإباقه وبوله في الفراش]