أما في البيع فظاهر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (البيعان بالخيار) ، وقوله (والصلح بمعناه) أي الصلح الذي بمعنى البيع، وهو الصلح الذي يتم بعوض، كأن يقر رجل لآخر بسلعة قد اختلفا فيها، فيأخذ صاحب السلعة من المقر عوضا عن سلعته، فيقول مثلا: هذه سلعتك وأصالحك عليها بأن أدفع لك كذا وكذا، فهذا صلح بمعنى البيع، وذلك لاشتماله على العوض، فهو بيع فثبت فيه الخيار.

فالحديث ورد في البيع فيقاس عليه ما في معناه من عقود المعاوضات.

قوله [وإجارة]

كذلك الإجارة يثبت فيها الخيار، فإن استأجر شيئا، وقلنا إن الإجارة من العقود اللازمة، فإن الإجارة بعوض، فهي بيع، لكنه بيع منفعة، ففيها معنى البيع، لاشتمالها على العوض، فإذا اتفقا على أن يستأجر منه هذه الدار ستة أشهر، بعشرة آلاف، وهما بعد لم يتفرقا، فأراد أحدهما الفسخ فله ذلك، ولكل منهما الخيار.

قوله [والصرف والسلم]

فكذلك يثبت فيهما الخيار، لأنهما بيع.

قوله [دون سائر العقود]

كالرهن والحوالة والضمان والشركة والمساقاة والمزارعة (على القول بأن العقد فيهما جائز وليس بلازم وهو أحد الوجهين في المذهب) والهبة والوقف والوصية وغير ذلك من العقود، فهذه العقود لا يثبت في خيار المجلس، وذلك لأن هذه العقود إما أن تكون غير لازمة، أي عقود جائزة، والعقد الجائز لا يحتاج إلى الخيار فهو جائز، فللشص أن يمضيه وله أن يفسخه من غير أن يحتاج إلى خيار، كعقد الشركة، فلكل واحد منهما الفسخ فلا يحتاج إلى خيار، وهذا باتفاق العلماء، ومنها - أي مما تقدم - ما هو عقود لازمة لكن لا عوض فيها كالوقف والوصية، فهي عقود لازمة ولا عوض فيها، ولذا فلا تلحق بالبيع، وقد نص الشارع على البيع فليحق به ما هو في معناه، وحيث كان العقد اللازم لا عوض فيه فإنه ليس في معنى البيع، وعلى هذا فسائر العقود ليس فيها خيار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015