قالوا: وهو خيار مكان التبايع، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا) [خ 2079، م 1532] وفي الصحيحين أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحد منهما البيع فقد وجب البيع) [خ 2112، م 1531] فهذان الحديثان يدلان على ثبوت خيار المجلس، أو خيار عدم التفرقة.

وظاهر ما تقدم أن الخيار يثبت في مكان البيع، وأنهما إن لم يكونا في مكانه، وإن لم يتفرقا فإن الخيار ينتهي، لأنه مرتبط بعدم مفارقتهما للمكان، هذا هو ظاهر كلامهم، وظاهر الحديث خلاف هذا، وأنهما إذا كانا جميعا فالخيار باق، فلو كانا في سفر وهما في سيارة فالخيار باق، مع أن السيارة تنتقل من موضع إلى موضع، أما إذا تفرقا فإن البيع يمضي ولا فسخ.

ولم يقل بخيار المجلس الإمام مالك احتجاجا بعمل أهل المدينة، والحديث حجة عليه، ولا يصح حمل الحديث على تفرق الأقوال لأن الأقوال مجتمعة بالإيجاب والقبول لا متفرقة، وتأويلهم البائع بالسائم ضعيف جدا لأن الأصل الحقيقة أولا، وثانيا: أن الخيار للسائم معلوم لا يحتاج إلى بيان، والقول بخيار المجلس هو قول سعيد بن المسيب وهو إمام أهل المدينة في عصره، فكيف يقال إن إجماع أهل المدينة على خلافه.

قوله [يثبت في البيع والصلح بمعناه]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015