هذه صورة ثالثة مما لا يصح فيها البيع، وهي رجل اشترى سلعة ووضع رهنا عند مالك السلعة، وقال: إن جئتك بالثمن إلى عشرة أيام وإلا فهذا الرهن لك، أي هو ملك لك، وهذا في الحقيقة بيع معلق، فهو كالصورتين السابقتين، لأنه باعه هذا الرهن بشرط أن يكون البيع لهذا الرهن معلقا، والشرط الذي يقتضي تعليق الرهن هنا هو أنه إذا لم يأته بالثمن إلى عشرة أيام، فكأنه يقول: الرهن إن لم آتك بالثمن إلى عشرة أيام هو لك، فهو بيع معلق، ويستدل الحنابلة على عدم جواز هذه الصورة فضلا عما سبق في الصورتين السابقتين بما رواه الدارقطني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يَغْلَقْ الرهن عن صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه) [جه 2441 مختصرا بلفظ (لا يغلق الرهن) ، سنن الدارقطني 3 / 32] أي لا يؤخذ منه فيتملك من قبل المرتهن، وقال شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو رواية عن الإمام أحمد بل فعله الإمام أحمد أن ذلك جائز، واستدلوا بما تقدم وهو أن الأصل في العقود الحل، وهذا بيع للرهن على سبيل التعليق، فهو كالصورتين السابقتين التين تقدم جوازهما، قالوا: والحديث إنما ينهى عن أن يغلق عليه من غير رضا منه كما كان في الجاهلية، فإن الرجل إذا وضع الرهن ثم لم يأت بالثمن فإنه يؤخذ منه قهرا، فيتملكه المرتهن، فهذا كان من عمل الجاهلية فنهى عنه الشارع، وليست هذه المسألة من هذا الباب، فإن الرهن هنا لم يغلق من صاحبه، بل هو قد أغلقه على نفسه بشرطه الذي اشترطه، والمسلمون على شروطهم، وهذا القول هو الصحيح، لكن إن لم يكن الغبن فاحشا، فإن كان فاحشا فالراجح ما ذهب إليه الجمهور لا سيما إن غلب على التأخير.
* هل يجوز بيع العربون وإجارة العربون؟