قوله [كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا آخر كسلف وقرض وبيع وإجارة وصرف]

قوله (كسلف) السلف هو السلم، وهو تعجيل الثمن وتأخير المثمن.

فلا يحل بيع سلف، بأن يقول: أبيعك هذه الدار بشرط السلم بيني وبينك، بأن تعطيني عشرة آلاف وأعطيك بعد سنة كذا وكذا من القمح، والراجح جوازه ما لم يكن حيلة إلى الربا، وأما الحديث فالسلف فيه هو القرض كما قال البغوي وغيره، ولا محذور في الجمع بين السلف والبيع ما لم يكن حيلة إلى الربا، وصورة اشتراط القرض في البيع، أن يقول: أبيعك واشترط أن تقرضني مائة ألف، فهذا قالوا: لا يجوز لأنه قد اشترط عقدا في البيع، كذلك بيع وإجارة، كأن يقول: أبيعك بشرط أن تؤجرني هذه الدار، أو صرف كأن يقول: لا أبيعك إلا بشرط أن تصرف هذه المائة دينار إلى دراهم، وكذلك إذا قال: لا أبيعك حتى تشاركني في الأرض أو نحو ذلك، فهذا كله يبطل العقد، فإذا عقدا مع البيع عقدا آخر، فالبيع باطل والعقد الآخر باطل.

وهذه الصور التي ذكرها المؤلف هي مسائل مجتمعة ذات أحكام متفرقة على الصحيح، لا كما قال المؤلف من أنها يبطل بها العقد مطلقا، أما البيع والقرض فإن ما ذهب إليه المؤلف ظاهر، فإن فيه ربا أو ذريعة إلى الربا، وهو بمعنى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل بيع وسلم) فهو ذريعة إلى الربا الذي نهى عنه الشارع، وكذلك إذا قال: أبيعك كذا بشرط أن تقرضني، فهذا يكون من القرض الذي جر نفعا فهو ربا، فعقد القرض إذا دخل في البيع فإنه لا يصح ويبطل العقد.

أما ما سوى ذلك فالصحيح أنه جائز، وهو مذهب الإمام مالك، إذا لا دليل على المنع، فإذا قال: أبيعك هذه الدار على أن تشاركني في كذا، أو قال: أبيعك هذه الدار على أن تنكحني ابنتك، أو قال: أبيعك هذه الدار على تستأجر بيتي، فهذا كله جائز، إذ لا دليل على المنع، والأصل في المعاملات الحل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015