ولذا قال المؤلف (وإن اشترط على البائع حمل الحطب أو تكسيره أو خياطة الثوب أو تفصيله) ، فلو اشترط الحمل والتكسير لم يصح فهما شرطان، هذا هو المشهور من المذهب، وأنه إذا شرط شرطين فإنه لا يصح، وإن كان كل شرط بمفرده صحيحا، وقد روى الخمسة والحديث حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك) [حم 6633، ت 1234، ن 4611، د 3504، جه 2188] والشاهد في قوله (ولا شرطان في بيع) ، قالوا: فدل هذا على أنه لا يجوز الجمع بين شرطين في بيع، وإن كانا شرطين صحيحين، وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن ذلك جائز، لأنه لا يخالف كتاب الله، قالوا: ولا مانع فيه، فإن صحة الشرط لا يبطلها صحة شرط آخر، فهذا شرط صحيح، وهذا شرط صحيح، وكلاهما معتبر، فإذا اجتمعا لم يبطلاه كما لو انفردا، والمعنى يدل على ما قالا، وهذا لا يخالف كتاب الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) قالوا: وليس في كتاب الله ما يدل على إبطال هذه الشروط، وأجابوا عن حديث: (ولا شرطان في بيع) أن المراد به البيعتان في بيعة، وهي بيع العينة، ويدل على هذا أن في موضع هذه اللفظة في مسند أحمد (ولا بيعتين في بيعة) [حم 6879] قالوا: البيعتان في بيعة شرطان في بيع، لأن كل بيعة شرط، فإذا تبايع الاثنان فالبيع بينهما شرط لأن كلا منهما التزم بهذا البيع كما هو ملتزم بالشرط، فالبيع شرط، وهذا القول هو الراجح، إذ لا معنى للنهي عن هذا البيع الذي فيه شرطان صحيحان.

قوله [ومنها فاسد يبطل العقد]

فهذا الشرط يبطل العقد، فليس الشرط باطل فحسب، بل الشرط والبيع باطلان، ومثاله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015