قوله [وأن يكون العاقد جائز التصرف]
هذا هو الشرط الثاني وهو أن يكون البائع والمشتري جائزا التصرف.
والعاقد: يشمل البائع والمشتري، فيشترط أن يكون البائع والمشتري جائزا التصرف، وجائز التصرف هو: الحر المكلف الرشيد، وعليه فالعبد لا يصح تصرفه وذلك لأن ما في يده من مال لسيده فلا يصح أن يتصرف إلا بإذن سيده، وأن يكون مكلفا أي بالغا عاقلا، كما يشترط أن يكون رشيدا، أي يحسن التصرف في ماله، ودليل ذلك قول الله تعالى {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليه أموالهم} فقوله {وابتلوا اليتامى} أي اختبروهم في بعض التصرفات المالية ليثبت لكم حسن تصرفهم في المال، وقوله {حتى إذا بلغوا النكاح} دليل على البلوغ، أي اشتراط البلوغ، وقوله {فإن آنستم منهم رشدا} أي ظهر منهم الرشد في التصرف، وهذا يدل على اشتراط العقل والرشد في التصرف، فإن غير العاقل لا شك أنه ليس برشيد، فهذه الآية دليل على اشتراط التكليف والرشد، فجائز التصرف هو الحر المكلف الرشيد، ولذا قال المؤلف:
قوله [فلا يصح تصرف صبي وسفيه]
الصبي لأنه غير بالغ، والسفيه لأنه ليس برشيد، وليس المراد بالسفيه غير العاقل.
قوله [بغير إذا ولي]
فلا بد من إذن الولي، وعلى هذا فيصح تصرف الصبي بإذن وليه، ويصح تصرف السفيه بإذن وليه، ويصح تصرف العبد بإذن سيده، أما العبد فظاهر، فإن صاحب المال هو السيد، وقد أذن له بالتصرف في ماله، وأما الصبي والسفيه فلقوله تعالى {وابتلوا اليتامى} أي اختبروهم، فهم لم يثبت بعد رشدهم، ومع ذلك قد أمر الله بابتلائهم واختبارهم وهذا لا يكون إلا بالإذن لهم بشيء من التصرف ليثبت رشدهم، فدل هذا على جواز تصرفهم بالإذن، وعن الإمام أحمد أنه يصح تصرفهم ويكون موقوفا على إجازة الولي، وهذا القول فيه قوة.