وتقدم حديثها الذي تقدم ترجيح وقفه، وفيه: (ولا يخرج إلا لما لابد له منه) مما لابد له منه فيجوز أن يخرج له وهذا بإجماع العلماء السنة تدل على ذلك فقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج لحاجة الإنسان.
أما إذا كان الأمر منه بدّ وله مندوحة عنه فإنه إن خرج له بطل اعتكافه، كأن يخرج إلى البيت لطعام وهو يمكن أن يحضر له في المسجد أو خرج لمبيت فإنه يبطل اعتكافه.
فإن كان الاعتكاف نذراً فإنه يفسد اعتكافه فيجب عليه القضاء \ن وإن كان تطوعاً فإنه يستأنفه بنيةٍ جديدة ويفوته من الأجر بقدر ما خرجه وقد تقدم أن الاعتكاف يثبت مسماه ولو لساعة من ليل أو بنهار.
أما إذا كان الاعتكاف نذراً فخرج لما له بد فإنه يفسد اعتكافه لأن هذا منهي عنه في الاعتكاف مفسد له، بدليل ما تقدم من قول عائشة: (إلا لما لابدّ له منه) ومفهوم المخالفة فيه أنه خرج لما له منه بدّ فإنه يبطل اعتكافه.
قال: (ولا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة)
لقول عائشة في الأثر المتقدم فيما يكون من السنة على المعتكف قالت: (ولا يعود مريضاً) ومثل ذلك شهادة الجنازة ونحو ذلك من الأفعال الصالحة، فهي وإن كانت أفعالاً صالحة لكن فعلها خارج المسجد يبطل الاعتكاف لأن الاعتكاف حقيقته لزوم المسجد وحيث خرج منه بلا ضرورة
فإن ذلك يبطل اعتكافه ولو كان هذا الخروج مستحباً، بل ولو كان خروجه أفضل من اعتكافه وكما تقدم، فإن كان الاعتكاف نذراً فيجب عليه القضاء، وإن كان تطوعاً فإنه يستأنف نيته.
قال: (إلا أن يشترطه)
أي من نذر الاعتكاف أو أراد أن يتطوع به، فنوى المتطوع في قلبه أو تلفظ بالنذر فقال:" لله عليَّ أن أعتكف عشرة أيام بشرط أن أخرج لعيادة المريض أو اتباع الجنائز أو نحو ذلك من الشروط "
فهل يجزئ ذلك ويصح الاشتراط؟
قال الحنابلة يصح الاشتراط، وقيل ذلك في الاعتكاف التطوعي فلو اشترط عيادة المريض ونحو ذلك فإنه يصح.