وظاهر ذلك أن دخولهم كان صبيحة عشرين لما خطبهم النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأليق لتدخل ليلة إحدى وعشرين، فإن ليلة إحدى وعشرين التي هي مقصودة في الاعتكاف – لا تدخل في اعتكافه – ولا يصح حينئذٍ أن يكون اعتكف العشر الأواخر لأنه لم يعتكف الليلة الأولى.
فعلى ذلك تكون المسألة:يجوز له أن يعتكف قبل غروب الشمس، فيدخل ليلة إحدى وعشرين في اعتكافه، فإن اعتكف بعد صلاة الصبح من يوم عشرين فهو أفضل، وذلك ليتهيأ للاعتكاف لقيام هذه الليلة التي هي من ليالي العشر ويحتمل أن تكون ليلة القدر كما تقدم في حديث أبي سعيد المتفق عليه – هذا هو الراجح – أن المستحب له أن يدخل صبيحة عشرين كما عليه حديث أبي سعيد وذكره القاضي احتمالاً، فإن لم يدخل إلا قبيل غروب الشمس فلا بأس، أما إن لم يدخل إلا صبيحة إحدى وعشرين فإن ليلة إحدى وعشرين لا تدخل في اعتكافه وإن كان اعتكافه صحيحاً لما بعدها من الليالي لكن ليلة إحدى وعشرين لا تكون من اعتكافه.
قال: (ولم يخرج المعتكف إلا لما لابد منه)
لحاجة الإنسان من بول أو غائط، طعاماً يطعمه في المسجد أو من يحضر له الطعام فيخرج ليطعم في بيته، أو أن يحتاج إلى الخروج من المسجد لمرض أو أن يتعين عليه الشهادة في ذلك اليوم لإنقاذ مسلم من هلكة أو لأداء صلاة الجمعة وكل ذلك مما لان كله منه، أي كل واجب وما لا يمكن له أن يستغني عنه من طعام وشراب وحاجة ونحو ذلك فإنه يخرج – هذا ما لم يكن هناك مبدوحة – وذلك أما إذا كانت هناك مبدوحة كأن يؤتى بالطعام إليه في المسجد، أو يكون في نواحي المسجد ما يقضي فيه حاجته أو أن يكون غيره يشهد لحق هذا المسلم أو من ينقذ الغريق غيره أو من يقوم بأمر الجنائز غيره ونحو ذلك فإنه لا يجوز له الخروج.
ودليل ذلك:ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا اعتكف يبدي له رأسه فترجله ولم يكن يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان)