قالوا:أما أن قال:إن كان غداً من رمضان فأنا صائم وإن لم يكن من رمضان فأنا مفطر، قالوا:فإنه يصح حينئذ لأنه علق صومه بأصل لم يثبت لنا زواله، فإنه علق ذلك بثبوت رمضان غداً ولم يثبت زوال هذا الأصل فكان صومه صحيحاً، فهو جازم نية الصوم على نية الفرض واختار شيخ الإسلام في الصورة الأولى الإجزاء أيضاً لأن النية تتبع العلم، فهو لا يعلم أن غداً رمضان والنية تتبع العلم، فعلمه متردد هل غداً من رمضان أو لا فنيته جاز أن يقع فيها التردد لأن هذا هو قدرته فهو لم يعلم إلا ذلك على أن الأصل في هذه المسائل ما تقدم وأنه لا يجوز له الصوم فإذا ثبتت النية أثناء النهار فإنه يمسك ولا حرج عليه ولا قضاء.

قال: (ومن نوى الإفطار أفطر) .

فمن نوى الإفطار فإنه يفطر وإن لم يأكل وليس المراد بقوله:" أفطر " أنه بمعنى الأكل والشارب، بل مراده أنه كما لو لم ينو الصوم.

بمعنى:رجل صائم ثم نوى أن يفطر فإنه يكون بحكم المفطرين لأنه قد قطع النية، والنية شرط أن تغطي العمل كله وقد قطعها، فحينئذ فسد صومه لبطلان نيته وهذا باتفاق العلماء وهي مسألة ظاهرة، لأن الواجب هو النية في اليوم كله، وحيث نوى الفطر فإنه يكون مفطراً.

وإنما قلنا:أنه يكون في حكم المفطر، لا في حكم من أكل أو شرب لأن هنا فرقاً بين المسألتين، ويتصور ذلك بأن يقال:رجل ممسك عن الطعام والشراب بنية التقرب إلى الله إلى أذان الظهر ثم نوى الفطر، فإنه أن لم يأكل ولم يشرب يجوز له أن ينوي مرة أخرى التنفل لأنه لم يقع منه أكل ولا شرب فهو ممسك. أما لو قلنا:أنه بمعنى أكل أو شرب فإنه لا يجوز له أن ينوي حينئذ ففرق بين قولنا:أفطر بمعنى أكل أو شرب وقولنا:أفطر بمعنى أصبح لا نية له فهو كما لو لم ينو. فإن تردد في القطع فما الحكم؟

قولان في مذهب أحمد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015