قالوا:ولأن الوارد في الحديث المتقدم إنما كان في الغداء والغداء إنما يكون قبل الزوال والأفعال لا عموم بها. ولا شك في قوة هذا القول، لكن مع ذلك الأظهر ما تقدم فتحاً لهذا الباب وهو باب الترغيب في النافلة، فإن الشارع أجازه للترغيب بالنفل، والإكثار منه وحيث كان ممسكاً من طلوع الفجر إلى بعد زوال الشمس فإنه لا مانع من أن يعمل بإمساكه ويؤخر بقدر صومه وحيث جاز فعله قبل الزوال فإنه يجوز بعده.
الفرع الثاني:أن الإمام أحمد نص على أنه إنما يثاب على الوقت على الذي أمسك فيه عن الطعام والشراب بنية الصوم هذا في الأصل وإلا فقد ينال من الثواب بفضل الله وكرمه أكثر من ذلك وذلك لأنه في أول النهار قد أمسك بغير نية التقرب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) وهذا عمل لم ينوه فلم يثبت عليه وهو اختيار شيخ الإسلام واستظهره صاحب الفروع.
قال: (ولو نوى إن كان غداً من رمضان فهو فرض لم يجزئه)
رجل في ليلة الثلاثين من شعبان أمسك عن الطعام والشراب بنية أنه كان غداً من رمضان فهو فرض، وإن لم يكن من رمضان فأنا متنفل، فنيته واقع فيها تردد فلا يجزئ وذلك لوقوع التردد فقد تردد هل هو صوم فرض أو نفل، والواجب في النية الجزم بالفرض أو النفل.