كما أن الشارع لا يمكن أن يجمع بين المختلفات، فيوجب في مئتي درهم الدرهم فيها قدر أربعة دوانق يوجب فيه الزكاة، ولا يوجب الزكاة مما يبلغ الدرهم فيها ثمانية دوانق حتى يبلغ هذا العدد، فإن المئة درهم مما يكون وزنه ثمانية دوانق تساوي مئتي درهم مما يكون وزن الواحد فيها أربعة دوانق، فكيف يفرق الشارع بينهما مع أنهما متساويان.
فالأظهر مذهب جمهور العلماء من اعتبار الوزن خلافاً لشيخ الإسلام.
وأما الأوراق النقدية المعاصرة، وهي ما تسمى " بنك نوت "، وتسمى بالأنواط في كلام الفقهاء المعاصرين.
وهي لغة: " بنك نوت " لغة فرنسية بمعنى الأوراق النقدية.
فهذه الأوراق اختلفت فيها أنظار الناس من الفقهاء المعاصرين:
فمنهم من قال: هي وثائق دين، يعني ليست أثماناً، وإنما هي وثيقة كما لو اقترضت من رجل مالاً فأعطيته ورقة فتثبت فيها هذا الحق الذي عليك، فهي وثيقة دين.
وهذا اعتماد على ما يكتب فيها من التزام مؤسسة النقد بدفع ما يقابلها من ذهب وفضة.
وهذا ضعيف، فإن هذه الكتابة المقصود منها توثيقها وإلا فإن صاحب الورق لا يعطي قيمتها من الذهب والفضة، لكن المقصود من هذه الكتابة هو توثيق هذه الأوراق وإعطائها قيمتها. وهذا القول فيه شدة، إذ يترتب عليه الأحكام الكثيرة من عدم جواز السلم فيها، ومن مسائل كثيرة تترتب على هذا، كما أنه لا يجوز شراء الذهب الخالص بها ولا شراء الفضة الخالصة بها؛ لأنها تعتبر ديون، فلا يجوز أن يشترى ذهباً فيها وإن دفعها، ولا فضة وإن دفع هذه الأوراق النقدية؛ لأنها ديون، والواجب أن يكون الشراء يداً بيد في الأموال الربوية، فهذا مع ضعفه فيه ضيق وشدة.
وأوسع المذاهب من قال: إنها عروض تجارة، وحجته: أنها مال مرغوب فيه، وليست بذهب ولا فضة، فأشبه العقارات وغيرها من العروض كالأقمشة وغيرها التي تباع وتشترى.