واحتج رحمه الله بأن الدراهم في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن ذات وزن واحد، بل كانت ذات أوزان مختلفة، فمنها ما وزنه ثمانية دوانق، ومنها ما وزنه أربعة دوانق، حتى كان عهد عبد الملك بن مروان فضرب الدرهم الإسلامي الذي يساوي ستة دوانق، قال: فلا يمكن أن يحكم على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الدرهم الحادث. فهذا درهم حادث، فهذه الأوزان إنما تعود إلى دراهم ودنانير فضربت في عهد عبد الملك بن مروان، فلا يحكم على القديم بما هو حادث.
فهو يرى أن الزكاة متعلقة بعدد الدراهم والدنانير من غير نظر إلى الوزن، واحتج بأن الدراهم والدنانير لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات وزن واحد، بل لها أوزان مختلفة، فعلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم الزكاة بعددها، وحيث كان كذلك، فإذا وجدت دنانير ودراهم، فإن الزكاة تجب فيها إذا بلغت العدد المتقدم، وإن كانت لا تساوي الوزن الذي تقدم.
وفيما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله نظر، فإنه لا يعقل أن تكون الدراهم أو الدنانير التي تتعلق بها قيم الأشياء وتتم بها الأنكحة في مهورها، والبيوع ونحو ذلك من الأحكام الشرعية لا يمكن أن تكون مختلفة الأوزان، وحيث كانت مختلفة في الواقع، فإنه لابد أن يكون هناك قدر هو المتعارف عليه، فإذا وجد دينار يساوي ضعف غيره من الدنانير، فإنه يحكم له بأنه بقيمة دينارين، فنحن وإن سلمنا لم تضرب في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأمر كذلك، وإنما ضربت – كما تقدم - في عهد عبد الملك، فإنا لا نسلم أنها كانت مجهولة القدر، بل لها قدر ظاهر واضح بيّن، فهي قيم الأشياء وبها تتم أنكحة الناس وبيوعهم وحقوقهم (?) متعلقة بها، ونحو ذلك من الأحكام الشرعية التي تتعلق بالدرهم والدينار.