وهذا ضعيف؛ فإن الحكم بأن الأصل هو العشر لا دليل عليه، بل كلاهما أصل منفرد، فالعشر أصل منفرد، ونصف العشر أصل منفرد، فإذا كان الزرع يسقى بمؤنة ففيه نصف العشر، وإذا كان يسقى بغير مؤنة ففيه العشر، وكلاهما أصل منفرد، ولا دليل على تعيين أحدهما أصلاً، ولا نظر أيضاً يدل على هذا، فإن الزروع والأشجار منها ما يسقى بمؤنة، ومنها ما يسقى بلا مؤنة، فأوجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما سقي بمؤنة كذا، وفيما سقي بلا مؤنة كذا، فكلاهما أصل.
- قال صاحب الفروع: " ويتوجه احتمال: فيه ثلاثة أرباع العشر لتقابلهما ". وهذا هو الأظهر، وهو مذهب الشافعية، وأن الواجب فيه ثلاثة أرباع العشر؛ لأنهما يتقابلان، فكما لو تساويا، فنحن نجهل أيهما الأغلب، فحينئذ لهما حكم التساوي لتقابلهما، ولأن كليهما أصل منفرد، كما تقدم.
فمذهب الشافعية هو الأظهر، وقد وجهه صاحب الفروع - وجهه - احتمالاً: أن الواجب عليه ثلاثة أرباع العشر.
قال: [وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة]
فإذا اشتد الحب وأصبح قويا صلباً.
وبدا صلاح الثمر بأن تحمر أو تصفر ثمار النخيل أو يتموه العنب فيطيب أكله. هذا هو بدو صلاحه.
فإذا بدا صلاح الثمر واشتد الحب، وجبت الزكاة؛ لما تقدم في درس سابق، لكن قال:
[ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البَيْدر]
البَيْدر: هو الموضع الذي تجمع فيه الثمار والحبوب، أما الحبوب فلتصفيتها وإزالة القشر عنها.
وأما الثمار فلتجفيفها لتذهب عنها الرطوبة، فتكون جافة كما يكون هذا في الرطب، ليكون تمراً، وفي العنب ليكون زبيباً.
فإذا وضعت في البيدر فقد تم الحصاد أو الجداد، فحينئذ تستقر الزكاة في الذمة.
وعليه قال: [فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت]
فإذا تفلت قبل وضعها في البيدر بغير تعد منه، فإنها تسقط عنه؛ لأنها لم تستقر بعد في ذمته.