وهذا ظاهر الأحاديث الواردة، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة) ، فظاهره أنهما جنسان مختلفان، وأن لكل منهما زكاته.

وأما الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، وهي مذهب طائفة من التابعين: من أن الحبوب يضم بعضها إلى بعض. فقالوا: هي متفقة في قدر النصاب، وهي متفقة في قدر المخرج، فالمخرج في الحبوب واحد، وهو العشر أو نصفه، فيضم بعضها إلى بعض.

وهذا ضعيف؛ لأن اجتماعهما في اتحاد النصاب وفي اتحاد المخرج ليس بمؤثر، فالشارع إنما جعل نصابها واحد، وجعل القدر المخرج واحد؛ لأنهما متشابهان في ماليتهما، أما أن يضم بعضها إلى بعض فلا.

وهذا منتقض عليهم بالثمار، فإن الثمار كالزبيب مثلاً نصابه ثلاثمئة صاع، والقدر المخرج هو العشر أو نصفه، والتمر كذلك، ومع ذلك فقد اتفق العلماء على أن الثمار لا يضم بعضها إلى بعض، فينتقض قياسهم بالثمار، فهم لا يقولون بها.

وأما الرواية الثالثة، فقد تقدم تضعيفها، وهي مذهب الإمام مالك، فعلى ذلك: أصح الأقوال ما ذهب إليه الجمهور، وهو المذهب من أن الحبوب لا يضم بعضها إلى بعض كالثمار.

إذاً لا خلاف بين العلماء في أن الثمار لا يضم بعضها إلى بعض، فلا يضم الزبيب إلى الثمر، كما أنه لا خلاف بينهم في أن المواشي لا يضم بعضها إلى بعض، فلا تضم الإبل إلى البقر على أنها بُدن، ولا تضم الإبل إلى الشياه.

واختلفوا في الحبوب على ثلاثة أقوال، هي روايات عن الإمام أحمد، وأصحها القول الأول من أن الأجناس المختلفة من الحبوب لا يضم بعضها إلى بعض، وهو ظاهر الأدلة الشرعية، ويدل عليها القياس.

قال: [ويعتبر أن يكون النصاب مملوكاً له، وقت وجوب الزكاة]

هذا شرط ظاهر، يدخل فيما في ما تقدم من اشتراط ملكية النصاب، فلابد من أن يكون النصاب مملوكاً لمن أوجبنا عليه الزكاة، وأن تكون الملكية وقت وجوب الزكاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015