إذاً: الجنس الواحد من الحبوب أو الثمار يضم بعضه إلى بعض، وإن اختلفت الأنواع، وإن اختلف الزمن في بدو صلاحها؛ لأنها ثمرة عام واحد، ولأنها داخلة في الجنس نفسه الذي أوجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه الزكاة، ففي قوله (لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير..) ظاهره أن كل نوع من أنواع الشعير له حكم الآخر في إيجاب الزكاة، فتكمل به النصاب، كما تقدم هذا في الإبل من بخاتي وعربي، وفي الغنم من معز وضأن، فهي أنواع مختلفة، لكنها يجمعها اسم واحد فهي داخلة تحت جنس واحد.
قال: [لا جنس إلى آخر]
فلا يضم الجنس إلى آخر غيره، فإذا كان عنده شعير لا يتم نصاباً، وعنده قمح لا يتم نصاباً، وباجتماعهما يتم النصاب، فإن الزكاة لا تجب عليه، فلا يُكمل جنس بجنس آخر، فلا يكمل الزبيب بالتمر، ولا الشعير بالحنطة، ولا الأرز بالذرة، أو نحو ذلك.
هذه إحدى الروايات عن الإمام أحمد.
والرواية الثانية: أن الأجناس يضم بعضها إلى بعض في الحبوب.
والرواية الثالثة: أن الحنطة تضم إلى الشعير، وأن القطنيات المراد به ما يقطن في البيت ويمكث ويدخر من أرز وذرة ونحو ذلك، هذه يضم بعضها إلى بعض، فأفرد الشعير والقمح بالضم دون غيره.
والقطنيات الأخرى يضم بعضها إلى بعض، فالشعير والحنطة جنس واحد، والقطنيات جنس واحد.
وهذا ضعيف؛ لأنه تفريق بين هذه الأجناس بلا مفرق.
والقول الأول، وهو الذي ذكره المؤلف هو الرواية المشهورة عن الإمام أحمد في المذهب، وهو مذهب جمهور العلماء: من أن أجناس الحبوب لا يضم بعضها إلى بعض؛ قياساً على الثمار والمواشي باتفاق العلماء، فلا خلاف بينهم في ذلك، فكذلك الحبوب ذوات الأجناس المختلفة.