القول الأول: أن الزكاة متعلقة بعين المال، ولها تعلق في الذمة، لكن أصل تعلقها في عين المال. واستدلوا: بقوله عز وجل: {خذ من أموالهم صدقة} (?) ، و {من} هنا تبعيضية، ومفادها أن الزكاة بعض المال المتوفرة فيه شروط وجوب الزكاة. وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (في الغنم في سائمتها في كل أربعين شاة شاة) (?) ، و (في) هنا ظرفية، فتفيد أن هذه الشاة الواجبة زكاةً داخلة في هذا المال، فهي فيه، وهذا المال الزكوي شامل لها. قالوا: لكن لها تعلق في الذمة من حيث أنه لا تجب عليه أن يخرجها بعينها، بل لو أخرج مالاً خارجاً عنها، فإن ذلك يجزئ عنه، وهذا ما اتفق عليه العلماء، من أن الرجل إذا وجبت عليه شاة في أربعين شاة، فلا يجب عليه أن يخرجها من هذه الأربعين، بل له أن يشتري بدراهمه شاة أو أن يأخذ شاة من شياه غيره شراء أو هبة، ثم يدفعها للسعاة، ولو لم يرض الساعي بذلك، فلا يشترط رضا الساعي بذلك. قالوا: فلذا لها تعلق في الذمة، لكن أصل تعلقها في عين المال، ولكن رُخص للمكلف ألا يدفعها من عين المال الزكوي، ويبقيه على هيئته، ويدفعها من جهة أخرى؛ لأن المزكي قد يكون له تعلق في عين ماله، فيرغب أن يخرجها من غيره. ولأن مقصود الشارع يحصل بذلك، فإن المقصود هو إخراج شاة سواء كانت الشاة من عين ماله أو من غيره.
القول الثاني، قالوا: تجب في الذمة، لكنها لها تعلق بالمال، لكن أصل وجوبها أن تجب في الذمة.
واستدلوا: بما تقدم من أنه يجوز له أن يخرجها من غير عين ماله، وما جاز هذا إلا لوجوبها في الذمة، قالوا: ولو كانت واجبة في عين المال لوجب عليه أن يخرجها من عين ماله.