أما الدين المنقص للنصاب في الأموال الباطنة، فما ذهب إليه الحنابلة هو مذهب الجمهور، وأدلتهم في هذا قوية ظاهرة.
- وقال الشافعية: بل عليه الزكاة؛ لأنه مال، فيدخل في عموم الأموال التي يجب أن تزكى.
والظاهر ما ذهب إليه الجمهور؛ لأنه وإن كان مالاً، لكن صاحبه ليس بغني، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (تؤخذ من أغنيائهم) (?) ، وقال: (لا صدقة إلا عن ظهر غنى) (?) ، وهذا عليه دين ينقص المال عن النصاب، فلا يكون حينئذ غيناً. ولأنه كما تقدم يحتاج إلى المواساة وحاجته أولى من حاجة غيره. فما ذهب إليه الجمهور في الأموال الباطنة أظهر، ولأثر عثمان ولا يعلم له مخالف، وأما أثر ابن عمر فقد تقدم أن المخالفة في الأموال الظاهرة دون الباطنة.
وأما الأموال الظاهرة، فإذا كان عليه دين ينقص النصاب:
- فجمهور العلماء: على أن الدين لا يمنع الزكاة فيها، بل تجب؛ وذلك لأن السعاة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعهد أصحابه لم يكونوا يستفصلون، فلم يكونوا يسألون أصحاب المواشي وأصحاب الحبوب والثمار هل عليكم ديون تنقص النصاب أو لا؟ فكانوا يأخذون منهم الزكاة من غير استفصال.
والدليل الثاني، وهو نظري: أن الفقير تتشوف نفسه إلى هذا المال الظاهر، ويتعلق به، فلم يكن من المناسب أن يمنع الدين الزكاة فيه، لتشوف الفقراء عليه، وهذا بخلاف الأموال الباطنة. فهو ظاهر لأعين الفقراء.
وأما الحنابلة، فقالوا: الدين إذا كان ينقص النصاب في الأموال الظاهرة، فإنه لا تجب فيها الزكاة؛ قالوا: لعموم قول عثمان التقدم " هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم "، قالوا: هذا عام في الأموال الظاهرة والباطنة.
لكن تقدم أن أثر ابن عمر مخالف له في الأموال الظاهرة دون الأموال الباطنة.