وأما السنة، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (وأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) (?) .
وقد أجمعت الأمة على فرضيتها، وأن منكر وجوبها كافر خارج عن الإسلام؛ لأن فرضيتها معلومة من الدين بالضرورة. والقاعدة: أن ما علم من الدين ضرورة كفرضية الصلاة والزكاة والحج ونحوها من الأحكام الشرعية – أن – إنكارها كفر بالله؛ لأنه تكذيب لدلالة الكتاب والسنة.
أما من تركها بخلاً، فإنه لا يكفر بذلك، كما هو مذهب جماهير أهل العلم، ودليل ذلك: ما ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فتكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيُرى – وضبطت: فيَرى – سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) (?) .
والكافر لا يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار على التخيير، بل سبيله إلى النار على وجه التحتم، فدل هذا على أن تارك الزكاة تكاسلاً مع إقراره بوجوبها أنه لا يكفر.
فإن كان تاركها تحت يد الإمام، فإنه يلزمه بها ويأخذ شطر ماله، كما سيأتي تقريره، لحديث: (ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا) (?) رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن وقال أحمد: " هو عندي صالح الإسناد ". (?)